وقد جمع بعض العلماء بين الروايتين باحتمال أن يكون بعضهم قبل الأمر كان صلى الظهر وبعضهم لم يصلها:"لا يصلين أحد الظهر" , ولمن صلاه:"لا يصلين أحد العصر" , وجمع بعضهم باحتمال أن تكون طائفة منهم راحت بعد طائفة، فقيل للطائفة الأولى: الظهر، وللطائفة الثانية: العصر. وكلاهما جمع لا بأس به ... إلى أن قال: ثم تأكد عندي أن الاختلاف في اللفظ من حفظ بعض رواته ... أو أن البخاري كتبه من حفظه ولم يراع اللفظ كما عرف من مذهبه في تجويز ذلك، بخلاف مسلم فإنه يحافظ على اللفظ كثيرًا ... ولكن موافقه أبي حفص السلمي له -أي البخاري- تؤيد الاحتمال الأول, هذا كله من حديث ابن عمر، أما بالنظر إلى حديث غيره فالاحتمالان المتقدمان في كونه قال: الظهر لطائفة, والعصر لطائفة متجه. ا. هـ.
فها نحن أولا نرى أن الحافظ بن حجر ردد الوهم في رواية البخاري بين أن يكون من أحد الرواة، أو من البخاري نفسه مع ترجيح الاحتمال الأول، فجاء المؤلف فنقل من كلام الحافظ الاحتمال الثاني مقتضبا عما قبله وعما بعده, وترك من كلام الحافظ ما قاله العلماء في التوفيق بين الروايتين, ولا يخفى على القارئ الفطن ما يريده المؤلف من هذا الاقتضاب المخل, والذي يبغي من ورائه إظهار أئمة الحديث لا سيما أميرهم البخاري بمظهر غير الضابطين المثبتين"١.
وبعد فإن دعوى أن أكثر الحديث روي بالمعنى دعوى باطلة،