بارتكاب ما يوجب عدم قبولها فلا يقع من الصحابة ذنب, أو يقع ولا يؤثر في قبول مروياتهم.
قال ابن الأنباري: المراد من عدالة الصحابة: قبول روايتهم من غير تكلف البحث عن أسباب العدالة وطلب التزكية، إلا أن يثبت ارتكاب قادح ولم يثبت ذلك. وقال شاه ولي الله الدهلوي: وبالتتبع وجدنا أن جميع الصحابة يعتقدون أن الكذب على رسول الله أشد الذنوب ويحترزون منه غاية الاحتراز.
وقال الآلوسي: في الأجوبة العراقية على الأسئلة الإيرانية: إنه ما مات من ابتلي منهم بفسق إلا تائبا عدلا ببركة نور الصحبة. والآلوسي يفسر بذلك معنى العدالة المرادة للمحدثين, ثم قال: لا يقال: إذا كانت العدالة التي ادعيتموها للصحابة رضي الله عنهم بذلك المعنى يلزم منه التوقف في قبول رواية من وقع منه مفسق إلى أن يعلم أنها بعد التوبة لأنا نقول بعد الالتزام: بأنه لا بد من أن يتوب ببركة الصحبة التي هي الأكسير الأعظم لا احتمال لكون روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذبا وافتراء عليه عليه الصلاة والسلام؛ لأن صحة توبته يقتضي تلافي ذلك بالإخبار عن أمره, فتأمله, فإنه دقيق, وعليك برعاية حق الصحبة, فهو بالرعاية حقيق. ا. هـ.
وبذلك يتضح أن المراد بالعدالة الثابتة لجميع الصحابة عند المحدثين هي: تجنب تعمد الكذب في الرواية والانحراف فيها بارتكاب ما يوجب عدم قبولها، فإن الذنب على فرض وقوعه لا يمنع من قبولها فهم عدول على العموم.