المرة هي التي تحققت بعدها الملازمة التامة والمصاحبة الدائمة, ولا يتنافى هذا مع كونه قدم قبل ذلك, فقد روى الهيثمي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنهم كانوا يحملون اللَّبِنَ إلى المسجد, ورسول الله صلى الله عليه وسلم معهم, قال: فاستقبلت رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو عارض لبنة على بطنه, فظننت أنها شقت عليه, فقلت ناولنيها يا رسول الله قال:"خذ غيرها يا أبا هريرة, فإنه لا عيش إلا عيش الآخرة" ١.
ترى أي مسجد ذاك الذي كانوا يحملون اللَّبِنَ له؟ إن كان المسجد النبوي فالمتعين أن أبا هريرة قدم إلى المدينة قبل سنة سبع.
وما المانع أن يكون قد حاكى أبا ذر الغفاري في إسلامه قديما, ثم لحوقه بأهله داعيا إلى دينه, ثم عاد فقدم عليه مرة أخرى.
ما دام خبر الهيثمي صحيحا, وليس بمستبعد أن يكون اللَّبِنَ لمسجد آخر من مساجد المدينة التسعة.
المهم أنه لزم النبي صلى الله عليه وسلم, وانتفع بملازمته وتعدته المنفعة إلى أمه التي أسلمت ببركة دعاء النبي صلى الله عليه سلم, وهكذا هاجر أبو هريرة مسكينا, مما جعله علم أهل الصفة يشتد به الجوع, ويصرع من ألم المسغبة حتى يظن الناس به الظنون, ويرمونه بالجنون, ويسأل الصحابة الواحد تلو الآخر عن الآية, وما به حاجة للسؤال عنها إلا ابتغاء استضافته وإطعامه.