وكان لا يطفئ حر سبغه إلا خليله أبو القاسم صلى الله عليه وسلم, وهو في ذلك كله متفرغ للحديث, متلهف إليه, حريص عليه, يسأل عن أحق الناس بحسن الشفاعة, فيقطع له بالعلم بأنه لن يسأل عن هذا غيره.
ويشغل المهاجرون بالصفق في الأسواق, ويعنى الأنصار بالحصاد والفواق, ويتفرغ أبو هريرة للحديث, ويلازم على شبع بطنه أو الكسرة والكسرتين, يحضر إذا غاب غيره, ويحفظ إذا نسي غيره, ويشكو سوء الحفظ, فيبسط الرداء, ويحظى بالدعاء من أمير الأنبياء صلى الله عليه وسلم, ولا يطوي ردائه حتى تنقضي مقالته فلا ينسى شيئا أبدًا.
لا عجب إذا أن يقول عنه الشافعي:"أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره. أسنده البيهقي في المدخل، وكان ابن عمر يترحم عليه في جنازته ويقول: كان يحفظ على المسلمين حديث النبي صلى الله عليه وسلم"١.