وعم أنس أيضا أبو طلحة الأنصاري من أجلاء الصحابة، تزوج والدة أنس بعد أبيه وكان صداق ما بينهما الإسلام، وضربا معا أروع الأمثلة في الصبر وأحسا بثمرة الشكر حين غزا أبو طلحة وترك ولده مريضا، فلما عاد كان الغلام قد احتضر، ولكن الرميصاء أم سليم والدة أنس كتمت نبأ وفاة ولدها, وهيأت من نفسها ما تهيئ الزوج لزوجها.
فلما أصبح الصبح أخبرته الخبر, ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم, ليجد تحفته عنده:"إن الله قد عجب لصنيعكما الليلة, ولعله أن يبارك لكما في ليلتكما".
وعمة أنس هي الربيع بنت النضر، وما تنبئ عن فضلها وفضل أسرتها ثابت في الصحيح، ذلك أنها كسرت سن جارية لها، فتحاكما إلى النبي صلى الله عليه سلم، فأبى إلا القصاص، فقال أنس بن النضر: أتكسر سن الربيع يا رسول الله؟ لا والله لا تكسر سن الربيع، فما كان من الجارية إلا أن عفت، فارتفع بعفوها الحد, ثم قال صلى الله عليه وسلم:"إن منكم يا معشر الأنصار من لو أقسم على الله لأبره".
فأنس سليل أسرة عريقة في الإيمان، وربيب بيت غاص بالفضائل حتى فاض، لذا كان مليء الوفاض من طيب الخصال، وكريم الخلال، وجميل الفعال.
وقد قدر الله له أن ينهل من تلك الفضائل, ويستكثر حين جاءت به أمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم, فقالت له: غويلمك أنس خذه يخدمك، فعاش في