"تدرج في نشر أفكاره ومفاسده بين المسلمين؛ وموضوعها علي بن أبي طالب رضي الله عنه أخذ ينشر بين الناس أنه وجد في "التوراة" أن لكل نبي وصيا، وأن عليا وصي محمد، وأنه خير الأوصياء، كما أن محمدًا خير الأنبياء، ثم إن محمدًا سيرجع إلى الحياة الدنيا، ويقول: عجبت لمن يقول برجعة المسيح، ولا يقول برجعة محمد، ثم تدرج بهذا إلى الحكم بألوهية علي رضي الله عنه، ولقد هم علي بقتله، إذا بلغه عنه ذلك، ولكن نهاه عبد الله بن عباس، وقال له: إن قتلته اختلف عليك أصحابك، وأنت عازم على العود لقتال أهل الشام، فنفاه إلى المدائن.
ولما قتل علي رضي الله عنه استغل ابن سبأ محبة الناس له كرم الله وجهه وألمهم لفقده، فأخذ ينشر حول موته الأكاذيب التي تجود بها قريحته إضلالا للناس وإفسادًا لهم، فصار يذكر الناس أن المقتول لم يكن عليا، وإنما كان شيطانا تصور للناس في صورته، وأن عليا صعد إلى السماء كما صعد إليها ابن مريم -عليه السلام- وقال: كما كذبت اليهود والنصارى في دعواهما قتل عيسى بن مريم، كذلك كذبت الخوارج في دعواها قتل علي رضي الله عنه.
وإنما رأت اليهود والنصارى شخصًا مصلوبا شبهوه بعيسى، كذلك القائلون بقتل علي رأوا قتيلا يشبه عليا فظنوا أنه علي، وقد صعد إلى السماء، وإن الرعد صوته، والبرق تبسمه، وإن من هؤلاء السبئية من كان يقول: إن الإله حل فيه وفي الأئمة من بعده، وهو قول يوافق بعض