ومن كل ما سبق يتضح للرائي الجو القائم الذي ظللته إحن الاختلاف ولبدته بغيوم التردد والشك أهواء وعصبيات, ومع ذلك كله لم تحجب تلك الغيم سماء الحقيقة, ولم تطمث إشراق الحق الذي ظل منبلجا في قلوب أهله.
ومن كرم ذي الفضل العظيم, وفيض جوده العميم أن انحصر أهل الأهواء والبدع والعصبيات في شراذم قليلة, وتجمع أنصار الحق ودافعوا عنه في ثبات وصدق, فكان صوتهم الأقوى ونداؤهم الأعلى ونهجهم الأوضح الأجلى أمام تلك الأمواج العاتية وقفت الكثرة الكاثرة من التابعين تذود عن حياض الدين وتظهر إفك الأفاكين، وتتصدى في ثبات ويقين لأي محاولة تستهدف كتاب الله أو سنة نبيه, فمع التابعين وهم في أعمهم وأغلبهم متبعون لا مبتدعون، ومنصفون لا متعصبون.