للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحطب الأفاعي والثعابين وهو لا يدري بل لا بد وأن يحاط خبرًا بما يرويه.

كان ولا بد أن يسألوا, وأن يتحروا والعلة في ذلك يوضحها لنا أحدهم محمد بن سيرين١ إذ يقول: "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم"٢ وقال أيضا: "لم يكونوا يسألون عن الإسناد, فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم, فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم, وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم"٣.

هكذا نستطيع أن نقول إن شطط أهل البدع والأهواء واجتراءهم على الحديث بالوضع والدس فيه, أو محاولة النيل منه بانتقاص راوية، هذا الشطط والاجتراء كما أثمر جانبا سلبيا من خلال المجابهة والمضادة بين أصحاب الأهواء، أثمر أيضا جانبا إيجابيا تمثل في حفز همم أنصار الحق وشحذ عزائمهم ليشتد تمسكهم بالحق ويقوى بحثهم عن اليقين، ويزدادوا تثبتا إلى تثبتهم، واحتياطا إلى احتياطهم.


١ كنيته أبو بكر ونسب إلى الأنصار لكونه مولى أنس, وهو من سبي عين التمر، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان, وتوفي في شوال من سنة عشرة ومائة بعد الحسن بمائة يوم، وعرف ابن سرين بالتعبير, وهو من أروى الناس وأوثقهم عن عبيدة السلماني وشريح, ولقي ثلاثين صحابيا, وأجمعوا على ثقته وورعه وإمامته. انظر ترجمته في تهذيب التهذيب ج٩ ص٢١٤, وطبقات ابن سعد ج٢، ق١، ص١٤٠ تذكرة الحفاظ ج١، ص٧٧ وطبقات الحفاظ ص٣١-٣٢, والكاشف ج٢، ص٥١-٥٢.
٢ مسلم بشرح النووي ج١، ص٨٤.
٣ المرجع السابق ج١، ص٨٤.

<<  <   >  >>