للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث أن يأخذوه إلا ممن يثقون فيه، ها هو ذا أبو الزناد١ يقول: "أدركت بالمدينة مائة كلهم مأمون ما يؤخذ عنهم الحديث, يقال: ليس من أهله"٢ وكان الإمام مالك يقول: لقد أدركت في هذا المسجد أي النبوي سبعين ممن يقول: قال فلان, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولو أن أحدهم أؤتمن على بيت مال لكان أمينا عليه, ولكني ما أخذت عنهم؛ لأنهم ليسوا من أهل الشأن أي علم الحديث والرواية.

على هذا النحو كان احتياط التابعين وتثبتهم فيما يروون، واستيثاقهم ممن عنه ينقلون، على أنهم قد حاكوا الصحابة وقلدوهم في التقلل من الحديث، والتخفف منه، فلا يروي الواحد منهم إلا قدر ما تلح عليه الضرورة ويحتاج إليه البيان "جالس الشعبي٣ ابن عمر سنة فما سمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم"٤ وقال مجاهد: صحبت ابن عمر


١ عبد الله بن ذكوان مولى رملة بنت شيبة زوج عثمان, وقيل: إن ذكوان أخو أبي لؤلؤة، وكان أبو الزناد يلقب بأمير المؤمنين في الحديث, وهو من أعلم التابعين ومن أرواهم, لقي من الصحابة ابن عمر وأنسا وأبا أمامة, وتوفي أبو الزناد سنة إحدى أو اثنتين وثلاثين ومائة عن ست وستين سنة انظر ترجمته في تذكرة الحفاظ ج١، ص١٣٤، وتهذيب التهذيب ج٥، ص٢٠٣, وميزان الاعتدال ج٢، ص٤١٨, وطبقات الحفاظ ص٥٤-٥٦.
٢ مسلم بشرح النووي ج١، ص٨٦-٨٨.
٣ هو عامر بن شراحبيل, ولد لست مضت من خلافة عمر, وأدرك خمسمائة صحابي، قال عن نفسه: ما كتبت سوداء في بياض قط, ولا حدثني رجل بحديث فأحببت أن يعيده عليّ، ولا حدثني رجل بحديث إلا حفظته توفي سنة ثلاث أو أربع أو سبع أو عشر ومائة، انظر ترجمته في تذكرة الحفاظ ج١، ص٧٩، طبقات ابن سعد ج٦، ص١٧١ وتهذيب التهذيب ج٥، ص٦٥.
٤ سنن الدارمي ص٨٤، ج١، وابن ماجه ج١، ص٨.

<<  <   >  >>