للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكائه، وقد طلب الحديث في آخر عصر الصحابة رضوان الله عليهم, فلقي أنس بن مالك وعبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وغيرهم.

كما أخذ عن كبار التابعين؛ كسعيد بن المسيب الذي يقول عنه: "مست ركبتي ركبة سعيد ثماني سنوات", ولزم عبيد الله بن عبد الله بن عتبة وخدمه, وأكثر رواياته في الصحيحين عنه.

وعرف ابن شهاب بالجرأة في طلب العلم وشدة الحرص عليه, واستعان على حفظه بالكتابة، واشتهر الزهري بذاكرته القوية وسرعة حفظه، وكان يقول: ما استودعت قلبي شيئا قط فنسيته، وقال: ما استعدت حديثا إلا مرة فسألت صاحبي فإذا هو كما حفظت.

وعن غزارة علم الزهري وتبحره في المعرفة حدث ولا حرج، وما أكثر الذين أثنوا عليه ووصفوه بأنه لا يوجد أعلم منه بسنة ماضية.

وعظم قدره عند الناس فصار عالم الشام، بل ومحط أنظار أهل الإسلام؛ لسمو مكانته وعلو منزلته, ولاه يزيد بن عبد الملك القضاء واختاره هشام لتأديب أولاده، وتعددت معارفه, فبالإضافة إلى طول باعه في الحديث نبغ في الفقه وفي السيرة, ويقال: إنه أول من صنف فيها، وعرف الشعر وأنساب العرب وأيامهم, وما تكلم في شيء إلا قيل: إنه انفرد به، وتفرد بسنن لولاه لضاعت حتى قال مسلم بن الحجاج: "وللزهري نحو من تسعين حديثا يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم، لا يشاركه فيها أحد بأسانيد جياد".

وكان كثير الاهتمام بإسناد الحديث، ويرى أن الحديث بغير إسناد

<<  <   >  >>