للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد روى عنه في الموطأ مائة واثنتين وثلاثين حديثا, واشتهر أخذه عن نافع, وهو أصح الناس عنه, ولقي عطاء بن أبي رباح حين قدم المدينة، كما جالس يحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة بن عبد الرحمن المعروف بربيعة الرأي, وأثمرت هذه المجالسة إمامته أهل الحجاز في الفقه والحديث, وجعلته شيخ الإسلام وأحد الهداة الأعلام الذين طبقت شهرتهم كل مكان وسار بذكرهم الركبان, وارتحل إليهم, وفوخر بالأخذ عنهم ويكفي الإمام مالك فخرا أن يجلس إليه, ويتهادى بين يديه حتى إنه ليكون كالصبي أمام أبيه إجلالا وتوقيرا وتواضعا وأدبا إمام الفقهاء وشيخهم أبو حنيفة.

وتضم مدرسة الإمام علم الأعلام الفقيه المحدث الأديب الفارس المقدام محمد بن إدريس الشافعي, ويجلس بين مالك مجلس التلميذ من الخلفاء اثنان المهدي وهارون الرشيد, ناهيك عن اعتزام أبي جعفر المنصور به وإعزازه لعمله حتى إنه في المدينة يتقدم على أميرها, فيأمر ويضرب ويحظى بشرف الأخذ عن الإمام من الأمراء معن بن عيسى وغيره, ومن أكابر العلماء محمد بن الحسن ويحيى بن يحيى الأندلسي, وعبد الله بن مسلمة والقمني ابن أخته وإسماعيل بن إدريس ابن أخيه, وعبد الله بن مبارك, والليث بن سعد, وخلق لا يحصون كثرة.

ومن دلائل فضله وشواهد نبله ورسوخ قدمه في العلم رواية بعض شيوخه عنه كالزهري وابن سعيد الأنصاري.

وقد جمع الإمام مالك بين الفقه والحديث, فكان فقيه المحدثين ومحدث الفقهاء بلا منازع.

<<  <   >  >>