حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من أدبه الفائق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه لا يركب دابة بالمدينة ويقول: إني لأستحيي من الله أن أطأ تربة فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بحافر دابة.
وقد أورثه إجلاله لرسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالا وهيبة ووقارا وبهاء وإكبارا, فقد دخل على أبي جعفر المنصور, وهو على فراش ملكه, فإذا بصبي يخرج, ثم يرجع, فقال له أبو جعفر: أتدري من هذا؟ قال: لا. قال: ابني وإنما يفزع من هيبتك. ثم سأله عن أشياء منها حلال ومنها حرام فلما أجابه قال له: أنت والله أعقل الناس وأعلم الناس. قال: لا والله يا أمير المؤمين. قال: بلى ولكنك تكتم، لئن بقيت لأكتبن قولك كما تكتب المصاحف ولأبعثن به إلى الآفاق لأحملهم عليه.
وأجازه المهدي بثلاثة آلاف، ثم طلب منه أن يصحبه إلى مدينة السلام فأجابه.
"قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون" , والمال عندي على حاله, ولما قدم الرشيد المدينة طلب منه أن يسمعه الحديث, فقال الإمام أنا يقرأ علي ولا أقرأ على أحد, فقال: أخرج الناس عني حتى أقرأ أنا عليك. فقال: إذًا العام لأجل الخاص لم ينتفع الخاص, فأمر الرشيد وزيره معن بن عيسى فقرأ.
وذكر أنه دعاه ليقرأ الموطأ على بنيه, فأبى قائلا: العلم يؤتى إليه, ولا يأتي إلى أحد, فكان أولاد الخليفة يحضرون مجلسه مع سائر الناس, وتضرب عليهم قبة. قال الذهبي: وقد اتفق لمالك مناقب ما علمتها اجتمعت لغيره