وأخرج الإمام ابن عبد البر عن عمر بن عبد الواحد قال: عرضنا على مالك الموطأ في أربعين يوما, فقال: كتاب ألفته في أربعين سنة أخذوه في أربعين يوما ما أقل ما تفقهون فيه١. وهذا يدل على مبلغ الجهد الذي بذله الإمام في جمع هذا الكتاب وتحريه في الرواية، وليس أدل على هذا مما ذكره ابن الهباب أن مالكا روى مائة ألف حديث جمع منها في الموطأ عشرة آلاف, ثم لم يزل يعرضها على الكتاب والسنة وينقحها ويهذبها حتى رجعت إلى خمسمائة.
وقد ألف الإمام مالك كتابه على الأبواب, ولم يتقيد فيه بالأحاديث المرفوعة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم, بل جمع فيه أيضا أقوال الصحابة وفتاوى التابعين.
وطريقته فيه: أن يذكر في مقدمة الموضوع ما ورد فيه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم ما ورد من أقوال الصحابة, ثم ما ورد من فتاوى التابعين، وقل أن يكونوا من غير أهل المدينة.
وأحيانا يذكر ما عليه العمل أو الأمر المجمع عليه بالمدينة، وقد يذكر بعض الآراء الفقهية له.
ولم يتقيد الإمام في موطئه بالمسند المتصل بل ذكر فيه المرسل والمنقطع والبلاغات "وهي التي يقول فيها مالك: بلغني أو نحوه من غير أن يبين من روى عنه", كقوله: بلغني عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, أنه قال: $"للمملوك طعامه وكسوته".