ولقد اعتنى الإمام مالك بالحديث رواية ودراية: ولذلك كانت أحاديثه في الموطأ منتقاة, ولقد وصف ابن عبد البر مالكا في روايته وصفا موجزا محكما, فقال:"إن مالكا كان من أشد الناس تركا لشذوذ العلم, وأشدهم انتقادا للرجال, وأقلهم تكلفا, وأتقنهم حفظا, ولذلك صار إماما".
هذا شأن المطأ في أحاديثه, أما فقهه: فقد كان بعضه تخريجا للأحاديث وبعضه بيانا للأمر الذي كان مجتمعا عليه بالمدينة, وبعضه بيانا لما كان عليه التابعون الذين التقى بهم, وبعضه رأيا اختاره من مجموع آرائهم, وبعضه رأيا رآه قد قاسه على ما علم, فهو شبيه بما علم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, وما اجتمع عليه أهل المدينة, وما نقله عن أهل العلم من الصحابة والتابعين.
عدد كتبه وأبوابه وأحاديثه وتقييمه:
قام الأستاذ الكبير محمود فؤاد عبد الباقي رحمه الله تعالى بتحقيق كتاب الموطأ, فأتقن وأجاد وأحسن, وبلغ عدد كتبه واحدا وستين كتابا تشتمل على سبعمائة وثلاثة أبواب, وقد رقم الكتب مجتمعة, ثم أفرد كل كتاب بترقيم يخصه في الأبواب والأحاديث.
وقد تفاوتت عبارات العلماء في عدد أحاديث الموطأ قلة أو كثرة تبعا لتفاوت رواياته زيادة ونقصا.
قال أبو بكر الأبهري: جملة ما في الموطأ من الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين ألف وسبعمائة وعشرون حديثا المسند