وترات زاخر تليد، حمل معاصره ابن حزم على أن يقول فيه:"له تآليف لا مثيل لها في جميع معانيها", وقال الذهبي:"علا سنده وجمع وصنف ووثق وضعف وسارت بتصانيفه الركبان, وخضع لعمله علماء الزمان"١.
ومن أشهر مصنفات ابن عبد البر على الموطأ "كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد", قال عنه ابن حزم:"التمهيد لصاحبنا أبي عمر لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله أصلا, فكيف أحسن منه؟ ".
وقد كان العلماء قبل ابن عبد البر, وفي عصره يشرحون الموطأ فيعتنون بالأحاديث المرفوعة فقط دون أن يعطوا للأحاديث المرسلة والمنقطعة أيما اهتمام, وهذا ما دعا ابن عبد البر ليؤلف شرحه هذا, وكان منهجه فيه يختلف عن منهج الشراح والمعلقين فالناظر فيه يخيل له أنه كتاب مغاير للموطأ, فلقد سار فيه على الوجه التالي:
"أ" وضع للكتاب مقدمة احتوت على جمل من العلم مهمة فذكر جملة من الأخبار الدالة على البحث عن صحة النقل, ووضع المتصل والمرسل والحديث عن الإمام مالك والموطأ.
"ب" رتب الموطأ كترتيب المعاجم، فرتبه على شيوخ مالك، ورتب الشيوخ على حروف المعجم مقدما من مرويات الشيخ الأحاديث المتصلة, ثم ما اختلف في اتصاله، ثم المنقطع, ثم المرسل, ثم يأتي إلى الأحاديث المنقطعة