ومنها: حفظه لكتاب ربه, ومعرفته به, وجمعه لسنن النبي, ومعرفته بالواجب منها من الندب, ومعرفته بناسخ القرآن من منسوخه, والعام منه والخاص, ثم معرفته بسيرة هدى نبيه صلى الله عليه وسلم, وأئمة الهدى بعده, ومغازي رسول الله وخلفائه, وتركه تقليد أهل بلده, وإيثاره ما دل عليه كتاب ربه وثبت عن نبيه.
ثم ما كشف عن تمويه المخالفين, وما أبطل من زخرفهم بالحق الذي قذف به على باطلهم فيدمغه، ثم ما بين من الحق الذي سهل -بتوفيق خالقه- معرفته حتى استطال به من لم يكن يميز بين ظلام وضياء, وألفوا للكتب وناظروا المخالفين.
ومنها: ما من الله عليه من منطقه الذي طبع عليه, وكان يعترف له به كل من شاهده, ويقر بتقصيره عن بلوغ أدنى ما من الله به عليه منه.
ومنها: ما وقاه الله من شح النفس الموجب له الفلاح.
وما علمت أحدا من عصره كان أمن على أهل الإسلام منه لما نشر من الحق وقمع من الباطل, وأظهر من الحجج وعلم من الخير".
وقل أن تجد مترجما للشافعي إلا وهو يعتذر بضيق المقام عن توفية الإمام حقه من الإجلال والإعظام.