فيعمل بالراجح دون غيره، وكان الشافعي أول من تكلم فيه, وصنف من غير قصد الاستيعاب, وإنما ذكر جملة منه في كتاب "الأم" ينبه بها على طريقة الجمع في ذلك.
وقد صنف فيه بعض العلماء كابن قتيبة المتوفى سنة ست وسبعين ومائتين, وكمحمد بن إسحاق بن خزيمة المتوفى سنة إحدى عشرة وثلاثمائة, وهو من أحسن الناس كلاما فيه حتى قال: لا أعرف حديثين متضادين, فمن كان عنده فليأتني بهما لأؤلف بينهما, ومن جمع الحديث والفقه والأصول والغوص على المعاني الدقيقة لا يشكل عليه من ذلك إلا النادر.
والناظر في كتاب "اختلاف الحديث" للشافعي يجد أن كل أبوابه متصلة بالأحكام اللهم إلا كلامه في "باب بكاء الحي على الميت"١.
ولا يبعد اندراجه في الأحكام أيضا, وبعد فكما قال شيخ المحققين الأستاذ أحمد محمد شاكر وهو يقدم لرسالة الشافعي: كفى الشافعي مدحا أنه الشافعي. نقول: إن الشافعي أمة وحده, وماذا لو أن العمر قد امتد به, ولكن لا مكان للو, فقد قدر الله وما شاء فعل, ولقي الشافعي ربه على خير العمل في شعبان سنة أربع ومائتين, وغمرت السعادة مصر والمصريين بجوار إمام الأصوليين والفقهاء والمحدثين والشعراء والأدباء, عالم العلماء وفتى قريش الذي ملأ طباق الأرض علما فرضي الله عن الإمام الشافعي وأرضاه وطيب ثراه.