للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكتاب الزهد مطبوع, وهو في بابه بديع, أحسن ابن المبارك ترتيبه وأجاد تبويبه، وله كتاب مطبوع أيضا في الجهاد, ويروعك صدق تعبيره وقوة تأثيره؛ لصدوره من جوانح بطل مغوار, خبر الحرب وخاض غمارها, وأبلى في الله خير البلاء, فقد كانت له مشاركة في الغزو ومرابطة في ثغور الإسلام.

قال عبده بن سليمان المروزي: كنا في سرية مع عبد الله بن المبارك في بلاد الروم فصادفنا العدو فلما التقى الصفان خرج رجل من العدو, فدعا إلى البراز, فخرج إليه رجل فقتله, ثم آخر فقتله, ثم دعا إلى البراز, فخرج إليه رجل, فطارده ساعة, فطعنه, فقتله, فازدحم إليه الناس, فكنت فيمن ازدحم إليه, فإذا هو يلثم وجهه, فأخذت بطرف كما, فمددته, فإذا هو عبد الله بن المبارك.

ولابن المبارك كتاب في الحديث يعرف "بمسند ابن المبارك", وهو مخطوط, وله شعر جميل معبر, ومنه ما نقله السخاوي١ في ترجمة المقريزي:

قد أرحنا واسترحنا ... من غدو ورواح

واتصال بلئيم ... أو كريم ذي سماح

بعفاف وكفاف ... وقنوع وصلاح

وجعلنا اليأس مفتا ... حًا لأبواب النجاح

وهكذا كانت مشاركة ابن المبارك لأهل عصره, وكان عمره المبارك الطيب الذي كانت خاتمته حين أدركته الوفاة سنة إحدى وثمانين ومائة٢.


١ في الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ج٢، ص٢٤.
٢ انظر ترجمته في طبقات ابن سعد ج٧، ق٢ ص١٠٤-١٠٥، تاريخ بغداد ج١٠، ص١٥٢-١٦٩، تذكرة الحفاظ ج١، ص٢٧٤-٢٧٩، طبقات الحفاظ ص١١٧-١١٨, الرسالة المستطرفة ص٣٧.

<<  <   >  >>