للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقي أن جواز نسخ القرآن بالسنة, وإن كان ممكن الوقوع عقلا وشرعا إلا أننا نوافق القائلين بعدم وقوعه، والمسائل التي قيل فيها: إنها منسوخة بالسنة عند التأمل يتضح انها منسوخة بالقرآن.

وقد أيد الشيخ الزرقاني رأي الإمام مالك وأصحاب أبي حنيفة وجمهور المتكلمين في هذه المسألة، ثم رأى عدم وقوع النسخ للكتاب بالسنة, ثم أورد هذين الاعتراضين.

"لقائل أن يقول: إن من السنة ما يكون ثمرة لاجتهاده صلى الله عليه وسلم، وهذا ليس وحيا أوحى إليه به، بدليل العتاب الذي وجهه القرآن إلى الرسول في لطف تارة وفي عنف أخرى، فكيف يستقيم بعد هذا أن نقول: إن السنة وحي من الله؟

والجواب أن مرادنا هنا بالسنة، ما كانت عن وحي جلي أو خفي, أما السنة الاجتهادية فليست مرادة هنا البتة، لأن الاجتهاد لا يكون إلا عند عدم النص، فكيف يعارضه ويرفعه؟

ولقائل أن يقول: إن من السنة ما كان أحاديا، وخبر الواحد مهما صح, فإنه لا يفيد القطع والقرآن قطعي المتن، فكيف ينسخ بالسنة التي لا تفيد القطع؟ ومتى استطاع الظن أن يرفع اليقين؟

والجواب: أن المراد بالسنة هنا السنة المتواترة دون الأحادية، والسنة المتواترة قطعية الثبوت أيضا كالقرآن، فهما متكافئان من هذه الناحية, فلا مانع أن ينسخ أحدهما الآخر, أما خبر الواحد فالحق عدم جواز نسخ القرآن به، للمعنى المذكور، وهو أنه ظني والقرآن قطعي، والظني أضعف

<<  <   >  >>