للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} ١ ففي هذا بيان أنه ليس في نسخ الكتاب بالكتاب تعريضه للطعن من الوجه الذي قاله الطاعنون، فيجب سد هذا الباب لعلمنا أنه مصون عما يوهم الطعن فيه"٢.

ونرى مع الإمام مالك والأحناف والمتكلمين من الأشاعرة والمعتزلة جواز نسخ الكتاب بالسنة، فكلاهما وحي من الله عز وجل بنص القرآن والمثلية أو الخيرية في المأتي به بدل المنسوخ أهم من أن تكون فيما لا يتلى في المصلحة أو الثواب.

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم حين يأتي بسنة ناسخة لما في القرآن, لن يكون من تلقاء نفسه, وإنما التبديل بوحي من عند الله.

ولا عبرة باعتراض المعترضين على الوحي, ووقوع النسخ فيه فلو أقمنا وزنا لاعتراضهم ما سلم شيء وما استقام شرع, فالمعترض الجاحد قد يكون مرد اعتراضه إلى جحوده، ألا ترى إلى تسلية الله لرسوله وتسريته عنه {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} ٣.

ثم إن نسخ القرآن بالسنة ليس إبطالا للبيان, بل هو نوع منه، فالنسخ بيان لأمد العمل بالحكم السابق, وإنهاء له بالدليل الشرعي المتأخر المقتضي رفع العمل بالمتقدم, فالنسخ نوع من البيان.


١ سورة النحل: ١٠٢.
٢ السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ص٣٩٧-٣٩٨.
٣ سورة الأنعام: ٣٣.

<<  <   >  >>