للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معناها مؤكدة للمقاصد التي جاء بها القرآن، وحكمتها تنشيط المكلفين وتنبيه الغافلين". ا. هـ١.

وبعد هذا الإسهاب في بيان وجوه السنة للكتاب, قد يقول قائل: كيف تزعمون أن السنة مبينة للكتاب؟ أو أنه محتاج إلى بيان وقد قال الله فيه: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} ٢.

وقال أيضا: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} ٣.

أبعد هذا التبيان والتبيين يستقيم ما تقولون من أن السنة مبينة للكتاب؟ والجواب الذي لا يبقى معه ريبة لمرتاب هو: إن بيان السنة للكتاب متضمن فيه فهو الذي أمر بطاعتها, وأخذ ما فيها, والانتهاء عن نواهيها, وهو الذي نطق موكلا إليها مهمة البيان، ولسنا نقول: إن السنة قد جاءت بما ليس في القرآن، وإنما نقول: إنها فصلت ما أجمله وبينه, وهي منه محفوظة بحفظه، ونستطيع أن نقرر في يقين أن الصحابة رضوان الله عليهم أجميعن أقبلوا على السنة طائعين, مطيعين أمر رب العالمين، متجاوبين مع طبيعة الدعوة والداعية, محققين تدينهم من خلال انكبابهم عليها, منفذين أوامر الله عز وجل ومطلوبه منهم من خلال بيانها وتوضيحها. فإذا قال الله في وصف حبيبه ومصطفاه


١ الحديث والمحدثون، ص٤٥.
٢ سورة الأنعام: ٣٨.
٣ سورة النحل: ٨٩.

<<  <   >  >>