للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن نصيبها في أبيها، ما كان له ليجامل في دين الله, أو يداهن, أو يصانع, أو يلاين. وإذا كان منطق أسوته أنها لو سرقت لقطع رسول الله أبوها صلى الله عليه وسلم يدها, فإن أبا بكر يعلمها أن ما من طعمة يطعمها الله نبيه إلا كانت صدقة من بعده، وأن معاشر الأنبياء لا يورثون, وأن ما تركوه صدقة.

وإذا أمر الصديق خالد بن الوليد قائدا للجيوش التي تقاوم المرتدين وتعيدهم إلى حظيرة الدين، ثم قائدا لجيوش الفتح العظيم لبلاد الروم, فمن منطق أنه سيف من سيوف الله سله الله على أعدائه، وأنه نعم أخو العشيرة هو, ومن هنا حق له أن يهدد به, ويتوعد: لينسين به الروم وساوس الشيطان.

ولما عرض الفاروق على الصديق جمع القرآن استصعب أبو بكر هذا الأمر واستثقله من منطق حرصه على الاتباع، فكيف يقدم على عمل لم يعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

ومضى الحال على ذلك في أمورهم, وفي جميع ما عرض لهم من قضايا سواء اتصلت اتصالا مباشرًا بالأحكام الشرعية؛ كقضية فاطمة بنت قيس وميراث الجدة، أو كان اتصالها بالأحكام غير مباشر.

وانظر إلى الحال نفسه مع الفاروق عمر, وهو من هو شدة في الحق وصلابة في التمسك به, وقوة عريكة في مجابهة مخالفيه, كان أقوى المعارضين للصديق في حرب المرتدين، مما حمل أبا بكر على أن يقول له: أجبار في الجاهلية خوار في الإسلام، وما كان ذلك من عمر خورًا ولا ضعفا, وإنما

<<  <   >  >>