كان حرصًا على الاتباع, ولما طعن بيد الغدر, وهو يصلي الفجر, قيل له: ألا تستخلف؟ فقال بلسان الاقتداء ردًّا على من طلب منه الإيصاء بالأمر إلى من يراه أهلا لتحمل الأمانة, قال الفاروق: إن أترك فقد ترك من هو خير مني يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث انتقل إلى الرفيق الأعلى من غير تحديد للخليفة بعده, وإن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني، يقصد أبا بكر الذي عهد بالخلافة إليه.
ويمضي الحيي الكريم ذو النورين على سنن الخليفتين قبله, يأكل كما كان يأكل النبي صلى الله عليه وسلم, ويطعم مثل ما كان يطعم, ويتوضأ مثل وضوئه، ثم يقول: توضأت وضوء النبي صلى الله عليه وسلم, وأكلت طعامه، وقعدت مقعده، ويحرص على إظهار السنة, فإذا قدر الله للفتنة أن تطل برأسها, فمكن دعاتها من إثارة نارها وتأجيج أوارها، وراح عبد الله بن سبأ عدو الله اليهودي الخبيث الذي تظاهر بمتابعة هذا الدين، وانطوى قلبه على حقد دفين، يهيج مشاعر الناس ضد الخليفة, ويمكن موجات الغضب من رؤوس الغوغاء, فيتكاثرون على المدينة, ويقتلون الخليفة عثمان وهو يقرأ القرآن الذي كان له معه موقف يحمد بكل لسان, وإذا حدث ذلك كله فالناس بعد ما زالوا بخير, وما زال فيهم القائمون على الحق، المنصورون على من خالفهم.
فإذا خرج الزبير وطلحة مع عائشة مطالبين بدم عثمان، ولقي جيشهم جيش علي رضي الله عنه كانت السنة تتوقد في قلوب القاطبة، فأصحاب الجمل يرون أنهم يؤازرون الحق ويتكلمون به، ولا يسكتون عنه حتى لا يكونوا شياطين بكما, وأمير المؤمنين علي يرى التريث في الأمر, ولأن يخطئ الأمير