للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في العفو خير وأحب إلى الله من أن يخطئ في إقامة الحد، وإذا ذكر الزبير الحواري بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "تقاتل عليا وأنت له ظالم" , إذا ذكر بذلك رجع لتوه.

وإذا احتدم النزاع بين علي ومعاوية، تحكمت السنة أيضا في الأعم الأغلب وذكر بعضهم بعضا بها.

وأمثلة حسن اتباع الصحابة للسنة وتقفيهم أثرها في شأنهم كله ما جل منه وما قل كثيرة, وهاك مثلا يستدل به على ما كان منهم من حسن متابعة وإصرار على الطاعة. روى ابن ماجه "أن عبادة بن الصامت الأنصاري، النقيب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا مع معاوية أرض الروم, فنظر إلى الناس وهم يتبايعون كسر الذهب بالدنانير, وكسر الفضة بالدراهم.

فقال: يا أيها الناس إنكم تأكلون الربا! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تبتاعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل, لا زيادة بينهما ولا نظرة" , فقال له معاوية: يا أبا الوليد، لا أرى الربا في هذا إلا ما كان من نظرة, فقال عبادة: أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وتحدثني عن رأيك؟ لئن أخرجني الله لا أساكنك بأرض لك عليّ فيها إمرة، فلما قفل لحق بالمدينة، فقال له عمر بن الخطاب: ما أقدمك يا أبا الوليد؟ فقص عليه القصة، وما قال من مساكنته، فقال: ارجع يا أبا الوليد إلى أرضك، فقبح الله أرضا لست فيها وأمثالك, وكتب إلى معاوية: لا إمرة لك عليه. واحمل الناس على ما قال, فإنه هو الآمر"١.


١ سنن ابن ماجه ج١ ص٨-٩.

<<  <   >  >>