للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن عمر رضي الله عنه قال: "بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع"١.

ومضى يقينهم إلى أبعد من ذلك, إلى حد أن من حدث عنه بحديث يرى أنه كذب, فهو أحد الكذابين، والأخبار في تغليظ حرمة الكذب عليه تبلغ حد التواتر، ولو لم يكن الكذب حرامًا ما كذب هؤلاء الذين صدقوا الله ما عاهدوه عليه.

من هنا نستطيع أن نقول: إن أهم أسباب إقلال الرواية هو خوفهم من الوقوع في الكذب، وإشفاقهم على أنفسهم من أن يخطئوا في النقل, وتستطيع أن تضم إلى ذلك رغبتهم في أن يقتنع المنقول إليه الخبر فيما أخبر به، فلا بد أن يكون المنقول مما تقبله العقول حتى لا يكون فتنة ومحنة, قال ابن مسعود: "ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة"٢.

وفي نفس المعنى يقول علي رضي الله عنه: "حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله"٣.

سار الصحابة على الهدي النبوي في هذا الصدد فامتنعوا عن التحديث بما لا تدركه عامة الناس خشية أن يفتنوا فيتركوا بعض الفرائض الدينية.


١ المرجع السابق ج١ ص٧٤-٧٥.
٢ المرجع السابق ج١ ص٧٦.
٣ فتح الباري ج١ ص٢٣٥-٢٣٦.

<<  <   >  >>