للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تثبت الصحابة رضوان الله عليهم:

عني الصحابة عناية فائقة بالأخبار، وبذلوا غاية الوسع في التثبت منها امتثالا لأمر الله تعالى ووقوفا عند هدى نبيه, فقد قرءوا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} ١.

ولا يعد تثبتهم من الأخبار واستيثاقهم طعنا منهم في راوي الخبر، وإنما هو حرص على سلامة النقل, واحتياط للأمر, وتقوية له، فأخذوا الحديث بحيطة بالغة وحذر شديد، فما اطمأنت قلوبهم إليه بحيث لم يشكوا في حفظ راويه أو ضبطه قبلوه وعملوا به من غير أن يطلبوا عليه شاهدًا أو برهانا، وما تطرق إليه الشك استوثقوا منه وطلبوا وجه اليقين فيه.

وقد ساق الإمام الذهبي شواهد ذلك عند ترجمته لكثير من الصحابة, قال في ترجمة أبي بكر: "وكان أول من احتاط في قبول الأخبار, فروى ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن الجدة جاءة إلى أبي بكر تلتمس أن تورث, فقال: ما أجد لك في كتاب الله شيئا, ما علمت أن رسول لله صلى الله عليه وسلم ذكر لك شيئا, ثم سأل الناس, فقام المغيرة فقال: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيها السدس فقال له: هل معك أحد؟ فشهد محمد بن مسلمة بمثل ذلك, فأنفذه لها أبو بكر رضي الله عنه"٢.


١ سورة الحجرات: ٦.
٢ تذكرة الحفاظ ج١ ص٢, وحجة الله البالغة ج١ ص١٤١.

<<  <   >  >>