للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم كان أن استفاض واشتهر قضاء النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لا نفقة ولا كسوة للمبتوتة على نحو ما روت فاطمة, فاستقر العمل على ذلك وقال به الفقهاء.

المثال الرابع:

مسألة الوضوء مما مست النار "أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالوضوء مما مست النار ثم نسخه، وبقي عدد من الصحابة يرون الأمر الأول لعدم علمهم بالنسخ، ويرون إيجاب الوضوء من ذلك, ومنهم أبو هريرة، وقد انتقد ابن عباس رواية أبي هريرة، ووجد أن العقل لا يؤيدها، ولعل خلافا وقع بين الصحابة في تعيين الناسخ والمنسوخ قبل أن يصرح جابر ببيان ذلك فوجد ابن عباس أن الناسخ هو ما رجحه العقل ولذلك وجه النقد لمتن الرواية الأخرى.

وكان نقده منصبا على أن الطعام الحلال لا يمكن أن يكون سببا مؤثرا في نقض الوضوء فقال: "أتوضأ من طعام أجده في كتاب الله حلالا, لأن النار مسته؟ " أما أبو هريرة فجمع بيده حصى، وقال: "أشهد عدد هذا الحصى، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "توضئوا مما مست النار" فقد استبعد ابن عباس أن يكون أكثر الطعام الحلال ناقضا للوضوء؛ لأن النار مسته والمعهود في الشريعة أن ينتقض الوضوء بالخارج النجس لا بالداخل الحلال الطاهر"١.


١ منهج نقد المتن ص١٣٩-١٤٠.

<<  <   >  >>