نكاح المتعة: رخص فيه النبي صلى الله عليه وسلم عام خيبر, ثم نهى عنه, ثم رخص فيه في أوطاس, ثم نهى عنه, وكان آخر الأمرين نهيه عن نكاح المتعة, قال ابن عباس: كانت الرخصة للضرورة, والنهي لانقضاء الضرورة, والحكم باق إلى ذلك أي على الترخيص فيها عند الضرورة وقال الجمهور: كانت الرخصة إباحة والنهي نسخًا لها١.
وبذلك يبين أن نقد الصحابة لبعض الروايات كان موضع أخذ ورد، ولم يكن مسلما على إطلاقه، بل إن كثيرًا من العلماء تشدد في مساندة الرواية ورد النقد الموجه إليها, وعلى سبيل المثال في نقد عائشة لحديث ابن عمر:"إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه" بتعارضه مع الآية. لم يقبل العلماء قولها والتمسوا وجوهًا للجمع بين الروايات الصحيحة وبين الآية بأن الميت يعذب ببكاء أهله عليه لكون هذا من كسبه، حيث إنه لم يوص بضده قبل موته، أو حدث مع غيره فرضي عليه ولم ينكره، وربما يكون قد وصى بذلك, وطلب وقوعه إلى غير ذلك من وجوه الجمع التي تساند الروايات وتآزرها.
ويبقى تقلل الصحابة من الرواية وتثبتهم من الراوي والمروي, وطرحهم الشك وأخذهم باليقين، يبقى لهم هذا التحوط والمبالغة في التثبت والتأكد. يبقى لهم ذلك كله اعتزازا بالسنة وإعلاء لشأنها وذبا لكل محاولة تريد النيل منها سواء بإخراج بعضها أو إدخال ما ليس منها، ولا يعد هذا منهم بأي حال إعراضًا عن السنة أو هجرًا لها أو عدولا عنها إلى الرأي، فهم أبعد ما يكونون عن الرأي والقول به في الدين.