للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما أكثر ما نقل عنهم من ذم له وللأخذ به مع وجود النص المعول عليه, قال عمر رضي الله عنه: "أصبح أهل الرأي أعداء السنن، أعيتهم أن يعوها, وتفلتت منهم أن يرووها، فاستبقوها بالرأي", وقال رضي الله عنه: "اتقوا الرأي في دينكم", وقال أيضا: "أصحاب الرأي أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها وتفلتت منهم أن يعوها، واستحيوا حين سئلوا أن يقولوا: لا نعلم، فعارضوا السنن برأيهم، فإياكم وإياهم", قال ابن القيم بعد سوق هذه الآثار وغيرها عن عمر: "وأسانيد هذه الآثار عن عمر في غاية الصحة"١.

ثم ساق عن كثير من الصحابة ذمهم للرأي وعليه فلا سبيل لهم إلى الأخذ به إلا إذا عجزوا عن الوقوف على نص في النازلة أو الواقعة، فهم لا يقدمون شيئا على كتاب ربهم تبارك وتعالى وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم. تلكم طريقتهم ومنهجهم في المحافظة على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم خشية الوقع في الخطأ أو تسرب الدس إلى الحديث الشريف من الجهلاء وأصحاب الأهواء، أو أن تحمل بعض الأحاديث على غير وجه الحق والصواب، فيكون الحكم بخلاف ما أخذ به، فعلوا ذلك كله احتياطيا للدين ورعاية لمصلحة المسلمين لا زهدا في الحديث النبوي ولا تعطيلا له.

فلا يجوز لإنسان أن يفهم من منهاج الصحابة ومن تشدد عمر خاصة


١ أعلام الموقعين ج١، ص٥٥.

<<  <   >  >>