للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هجر الصحابة للسنة أو زهدهم فيها، معاذ الله أن يقول هذا إلا جاهل أو صاحب هوى، لا علم له بقليل من السنة ولم تخالط قلبه روح الصحابة, ولا أنار سبيله قبس من هداهم.

فقد ثبت عن الصحابة جميعا تمسكهم بالحديث الشريف وإجلالهم إياه وأخذهم به، وقد تواتر خبر اجتهاد الصحابة إذا وقعت لهم حادثة شرعية من حلال أو حرام، وفزعهم إلى كتاب الله تعالى فإن وجدوا فيه ما يريدون تمسكون به، وأجروا -حكم الحادثة- على مقتضاه، وإن لم يجدوا ما يطلبون فزعوا إلبى السنة, فإن روي لهم خبر أخذوا به ونزلوا على حكمه وإن لم يجدوا الخبر فزعوا إلى الاجتهاد بالرأي.

هكذا كان منهج الصحابة في كل ما يرد عليهم، وليس لأحد بعد هذا أن يتخذ بعض ما ورد عن الصحابة ذريعة لهواه"١.

ومن كل ما مضى يتضح لنا أن الصحابة رضوان الله عليهم بلغوا الذرورة في التثبت من الحديث، وأعملوا الرواية والأناة في تحمل الخبر وأدائه, ولم يحدثوا إلا عن ثقة تامة بصحة ما يحدثون به، وقد حرصوا كل الحرص على المحافظة على الحديث، وما تركوا وسيلة تبلغهم هذه الغاية إلا أخذوا بها، وتحروا أقوم المناهج وأدقها في الذب عن السنة ودفع كل دغل عنها.

وقد حمل لواء هذه المحافظة والحرص على السنن جميع الصحابة، وكان عمر بما تميز به من شدة في الحق, وغلظة على أهل الباطل ذا شهرة خاصة في


١ السنة قبل التدوين ص٩٨-٩٩ "بتصرف".

<<  <   >  >>