للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويبغضه ويكرهه فعلاً للمذنب المخالف لأمر الله. وهذا كما نقول فيما (١) خلقه من الأجسام الخبيثة. قال: فمن فهم هذا الموضع انكشف له حقيقة هذا الأمر الذي حارت فيه العقول. والله أعلم. انتهى كلامه في " الفروع ".

(وكُره لمصاب تغييرُ حاله: من خلع رداء ونحوه)، كخلع نعل، (وتعطيل معاشه)، وغلق حانوته في الأصح، لما في ذلك من إظهار الجزع. قال ابن الجوزي في قوله سبحأنه وتعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا} [الحديد: ٢٢]: اعلم أنه من علم أن ما قضي لابد أن (٢) يصيبه قلّ حزنه وفرحه.

وقال إبراهيم الحربي: اتفق العقلاء (٣) من كل أمة أن من لم يتمش مع القدر لم يَتَهَنَّ بعيش.

(لا بكاؤه) أي: لا بكاء المصاب. فأنه لا يكره قبل الموت ولا بعده، لكثرة الأخبار. ذكر منها في " شرح الهداية " اثني عشر حديثاً، وأخبار النهي محمولة على بكاء معه ندب أو نياحة.

قال صاحب " المحرر ": أو أنه كره كثرة البكاء والدوام عليه أياماً كثيرة.

قال في " الفروع ": ويتوجه احتمال: يحمل النهي بعد الموت على ترك الأولى. وقد قيل:

عجبت لمن يبكي على فقد غيره دموعاًو لم يبك (٤) على فقده دماً

وأعجب من ذا أن يرى عيب غيره عظيماً وفي عينيه من عيبه عمى

قال جماعة: والصبر عنه أجمل. وذكر شيخنا: أنه يستحب رحمة للميت، وأنه أكمل من الفرح، كفرح الفضيل لما مات ابنه علي.


(١) في ج: فيمن.
(٢) في ج: وأن.
(٣) في أ: العلماء.
(٤) في أ: زماناً ولا يبكي.

<<  <  ج: ص:  >  >>