للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما وجد في هذه البلاد من الكنائس والبيع مثل: كنيسة الروم في بغداد.

فهذه كانت في قرى أهل الذمة فأقرت على ما كانت عليه؛ وذلك لأن ما فتحه المسلمون من بلاد الكفار وفيه بيع أو كنيسة أو بيت نار لم يجب هدمه على الأصح؛ لأن الصحابة فتحوا كثيراً من البلاد عنوة. فلم يهدموا شيئاً من ذلك.

ويشهد لصحة ذلك وجود الكنائس والبيع في البلاد التي فتحت عنوة، ومعلوم أنهم لم يحدثوا شيئاً من ذلك. فيلزم أن تكون موجودة حين الفتح وأبقيت (١) .

(و) كذا حكم إحداث (صومعة لراهب)؛لأن في حديث عبدالرحمن بن غنم:" وأن لا نحدث قلاية ولا صومعة لراهب " (٢) .

(إلا إن شُرط) علينا أن يحدثوا ذلك أو شيئاً منه (فيما فُتح صلحاً على أنه) أي: أن البلد المفتوح (لنا) ونقره معهم بالخراج؛ لأنا لم نفتحها إلا على هذا الشرط. فوجب الوفاء به.

(و) يمنعون أيضاً (من بناء ما استُهدم أو هُدم ظلماً منها) أي: مما منعوا من إحداثها (ولو) كان ما استهدم أو هدم ظلماً (كلها) على الأصح؛ (كـ) ما يمنعون من (زيادتها) أي: زيادة ما منعوا من إحداثها؛ لأن في كتاب أهل الجزية لابن غنم: "ولا نجدد ما خرب من كنائسنا " (٣) .

ولما روى كثير بن مرة قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تبنى الكنيسة في الإسلام، ولا يجدد ما خرب منها " (٤) .

ولأن إعادتها بناءُ كنيسة أو بيعة في دار الإسلام. فلم يجز؛ كما لو ابتدأ بناوها.

(لا رَمِّ شعثها) يعني: أنهم لا يمنعون رم شعث الكنائس والبيع والصوامع القديمة؛ لأنهم لما ملكوا استدامتها ملكوا رم شعثها.


(١) في أ: وأثبتت.
(٢) سبق تخريجه ص (٤٥٦) رقم (٣).
(٣) سبق تخريجه ص (٤٥٦) رقم (٣).
(٤) ذكره المتقي الهندي في"كنز العمال" (١١٢٨٧) ٤: ٤٣٥ وقال: رواه الديلمي عن ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>