للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منهما أنه أدرك متاعه الذي باعه عند من أفلس، وتقديم أحدهما به ترجيح من غير مرجح. فاحتجنا إلى تمييز المقدم بها بالقرعة.

وقيل: يقدم البائع الأول لسبقه.

فإن قيل: لم لا تقسم العين بينهما من غير قرعة؛ لتعلق استحقاق كل منهمابها؟

فالجواب: أنا لا نسلم أن كلا من البائعين تعلق استحقاقه بها؛ لأن ذلك

يفضي إلى إسقاط حق كل منهما. يوضح ذلك: أن المبيع لو كان أمة مثلا وباع المفلس نصفها ولم تعد إلى ملكه لم يكن البائع أحق بها؛ لأنه لم يدرك متاعه، وإنما أدرك بعضه. فكذا إذا قيل يتعلق حق البائع الثانى بأخذ نصفها. وإذا سقط حق البائع الأول وهو أسبق فأولى ان يسقط حق البائع الثانى إذا قيل إن البائع الأول حقه متعلق بالنصف الآخر، وإنما الأحق بأخذها أحدهما لا بعينه، لاشتراكهما في كون كل منهما أدرك متاعه الذي باعه عند من أفلس فاحتجنا إلى إخراجه بقرعة؛ لأنها تميز المبهمات. والله سبحانه وتعالى أعلم.

إذا ثبت هذا فإن لمن قلنا إنه أحق بمتاعه الذي أدركه أن يترك حقه ويكون

أسوة الغرماء. لكن لو تركه أحد البائعين في المسألة التي تقدمت تعين الآخر ولا يحتاج إلى قرعة.

(وشرط) لملك الأخذ شروط ستة (١) :

الأول: (كون المفلس حيا إلى أخذها)؛ لما روى أبو بكر بن عبدالرحمن

ابن الحارث بن هشام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئاً فوجد متاعه بعينه فهو أحق به، وإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء " (٢) . رواه مالك وأبو داود مرسلا.


(١) في أب: ستة شروط.
(٢) أخرجه أبو داود في " سننه " (٣٥٢٠) ٣: ٢٨٦ كتاب الاجارة، باب في الرجل يفلس فيجد الرجل متاعه بعينه عنده.
وأخرجه مالك في " الموطأ " (٨٧) ٢: ٥٢٢ كتاب البيوع، باب ما جاء في إفلاس الغريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>