للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أصح قولي العلماء: أن يحموا مواضع ليرعى فيها خيل المجاهدين، ونَعم الجزية، وإبل الصدقة، وضوالٌ الناس التي يقوم بحفظها، وماشية الضعيف من الناس على وجه لا يستضر به من سواه من الناس. وإلى ذلك أُشير بقوله: (ولإمام) أى: القائم بأمر المسلمين (لا غيره إقطاع غير موات: تمليكاً وإنتفاعا ً للمصلحة، وحمى مَوات لرعي دواب المسلمين التي يقوم بها ما لم يُضيِّق) على الناس؛ لما روى ابو عبيد بإسناده عن عامر بن عبد الله بن الزبير أحسبه عن أبيه قال: " أتى أعرابي عمر فقال: يا أمير المؤمنين! بلادنا قاتلنا عليها في الجاهلية وأسلمنا عليها في الإسلام علام تحميها؛ فاً طرق عمر وجعل ينفخ ويفتل شاربه. وكان إذا كربه أمر فتل شاربه ونفخ. فلما رأى الأعرابي ما به جعل يردد ذلك. فقال عمر: المال مال الله والعباد عباد الله. والله! لولا ما أحمل عليه في سبيل الله ما حميت من الأرض شبراً في شبر " (١) .

قال مالك: "بلغني أنه كان يحمل في كل عام على أربعين ألفاً من الظهر" (٢) .

وعن أسلم قال: " سمعت عمر يقول لهنُيِّ حين استعمله على حمى الرَّبَذَة:

يا هني! أضمم جناحك عن الناس، واتق دعوة المظلوم فإنها مجابة، وأدخل رب الصُريمة والغُنَيمة. ودعني من نَعَم ابن عوف ونعم ابن عفإن. فإنهما أن هلكت ماشيتهما رجعا إلى نخل وزرع، وأن هذا المسكين أن هلكت ماشيته جاء يصرخ يا أمير المؤمنين! فالكلأ أهون عليًَ أم غرم الذهب والوَرِق؟ أنها أرضهم قاتلوا عليها في الجاهلية وأسلموا عليها في الإسلام. وأنهم ليرون أنا نظلمهم. ولولا النعم التي يحمل عليها في سبيل الله ما حميت على الناس من بلادهم شيئا أبدا " (٣) .


(١) أخرجه أبو عبيد في " الأموال " (٧٤٢) ص: ٢٧٥ الموضع السابق
(٢) أخرجه مالك في " موطئه " (٣٨) ٢: ٠ ٣٧ كتاب الجهاد، باب ما يكره من الشيء يجعل في سبيل الله.
(٣) أخرجه أبو عبيد في " الأموال " (٧٤١) ص: ٢٧٤ كتاب أحكام الأرضين، باب حمى الأرض ذات الكلأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>