للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابي وقاص: احتجبي منه يا سودة " (١) فعمل بالشبه في حجب سودة منه.

فإن قيل: فالحديثان حجة عليكم إذ لم يحكم النبي ي بالشبه فيهما بل

الحق الولد بزمعة، وقال لعبد بن زمعة: " هو لك يا عبد بن زمعة. الولد للفراش وللعاهر الحجر " (٢) . ولم يعمل بشبه ولد الملاعنة في إقامة الحد عليها لشبهه بالمقذوف.

قلنا: إنما لم يعمل به في ابن أمة زمعة؛ لأن الفراش أقوى. وترك العمل بالبينة لمعارضة ما هو أقوى منها لا يوجب الإعراض عنها إذا خلت عن المعارض. ولذلك ترك إقامة الحد عليها من أجل أىمانها. بدليل قوله " لولا الأيمان لكان لي ولها شأن ".

على أن ضعف الشبه عن إقامة الحد لا يوجب ضعفه عن إلحاق النسب. فإن

الحد في الزنا لا يثبت إلا بأقوى البينات وأكثرها عدداً، وأقوى الإقرار حتى يعتبر فيه تكراره أربع مرات، ويدرأ بالشبهات. والنسب يثبت بشهادة امراة واحدة على الولادة، ويثبت بمجرد الدعوى ويثبت مع ظهور أنتفائه. حتى لو أن امراة اتت بولد وزوجها غائب عنها منذ عشرين سنة لحقه ولدها فكيف يحتج على نفيه بعدم إقامة الحد.

ولأنه حكم بظن غالب ورأى راجح ممن هوأهل الخبرة. فجاز؛ كقول المقومين. وقولهم: أن الشبه يجوز وجوده وعدمه.

قلنا: الظاهر وجوده، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم حين قالت أم سلمة: " أو ترى

ذلك المرأة؛ قال: فمن أين يكون الشبه " (٣) .


(١) أخرجه البخاري في " صحيحه " (٦٣٦٨) ٦: ٢٤٨١ كتاب الفرائض، باب الولد للفراش، حرة كانت أو أمة.
(٢) سبق تخريجه في الحديث السابق
(٣) عن أم سليم " أنها سالت نبي الله صلى الله عليه وسلم عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأت ذلك المرأة فلتغتسل. فقالت أم سليم واستحييت من ذلك، قالت: وهل يكون هذا؟ فقال
نبي الله صلى الله عليه وسلم: نعم فمن أين يكون الشبه؟ أن ماء الرجل غليظ أبيض. وماء المرأة رقيق أصفر. فمن أيهما علا أو سبق يكون منه الشبه ". أخرجه مسلم في " صحيحه " (٣١١) ١: ٢٥٠ كتاب الحيض،=

<<  <  ج: ص:  >  >>