للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غائر بين معنى التحبيس والتسبيل فامتنع كون أحدهما صريحاً في الاخر.

وقد علم كون الوقف هو: الإمساك في الرقبة عن أسباب التملكات. والتسبيل: إطلاق التمليك. فكيف يكون صريحا في الوقف؛. انتهى.

ويمكن الجواب عن ذلك: بأن إضافة التحبيس إلى الأصل والتسبيل إلى الثمرة لا يقتضي المغايرة في المعنى. فإن الثمرة محبسة أيضا ًعلى ما شرط صرفها إليه.

وبأن المالك لو قال: حبست ثمرة نخلي على الفقراء كان ذلك وقفاً لازماً باتفاق من يرى أن التحبيس صريح في الوقف. فصحة التحبيس في الثمرة دون صحة التسبيل في الأصل ترجيح من غير مرجح.

وباًنا لا نسلم أن التسبيل إطلاق التمليك؛ لأن الشارع قيده بإزاء الوقف فصار فيه حقيقة شرعية.

فإن قيل: فيلزم أن يقال ذلك في لفظ: تصدقت فإن في بعض الروايات الصحيحة: " أن شئت حبست أصلها وتصدقت بها " (١) .

فالجواب: أن الصدقة سبق لها حقيقة شرعية في غير الوقف هي أعم من الوقف. فلا يؤدي معناه بها إلا بقيد يخرجها عن المعنى الأعم، ولهذا كانت كناية فيه. بخلاف التسبيل. والله أعلم.

وفي جمع الشارع بين لفظي (٢) التحبيس والتسبيل تبيين لحالتي الابتداء والدوام. فإن حقيقة الوقف ابتداء تحبيسه ودوام تسبيل (٣) منفعته. ولهذا حد غالب الأصحاب الوقف بهما.


(١) = وأخرجه ابن ماجه في " سننه " (٢٣٩٧) ٢: ١ ٨٠ كتاب الصدقات. باب من وقف. كلاهما عن عمررضى الله عنه.
أخرجه البخاري في " صحيحه " (٥٨٦ ٢) ٢: ٩٨٢ كتاب الشروط. باب الشروط فى الوقف.
(٢) فى أوب: لفظتي.
(٣) في ب: ودواما تسبيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>