للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقسمه الموفق في" المقنع " إلى أربعة أقسام فزاد: ما أجري مجرى

الخطأ. وهو: أن ينقلب النائم على شخص فيقتله، ومن يقتل بالسبب، كحفر

البئر ونحوه. وهذه الصور عند أكثر أهل العلم من قسم الخطأ.

إذا تقرر هذا (فالعمد) الذي يختصى به القود: (أن يقصد) الجانى (من

يعلفه آدميا معصوما فيقتله بما) أي: بشيء (يغلب على الظن موته به). فلا

قصاص بما لا يقتل غالبا، لأن حصول القتل بما لا يغلب على الظن موته به يكون اتفاقا لسبب أوجب الموت غيره، وإلا لما تخلف عنه الموت في غير تلك الحال

على الأكثر، وعدم القصد ظاهر فيه. فالقصاص لا يمكن، لأنه لا يمكن القتل

للقاتل بغير قصد لذلك كفعله.

(وله) أي: وللعمد الذي يختص القود به (تسع صور:

إحداها) أي: إحدى الصور: (أن يجرحه بما له نفوذ في البدن، من

حديد، كسكين) وسيف وحربة (ومسلة، أو) من (غيره) أي: غير الحديد،

(كشوكة) وكل ما يحدد من غير الحديد؛ كنحاس وذهب وفضة وزجاج

وخشب وقصب وعظم. فهذا كله إذا جرحه به جرحا كبيرا فمات به فهو قتل عمد

لا خلاف فيه. وفي الأصح (ولو) كان جرحه (صغيرا؛ كشرط حجام، أو)

كان الجراج (في غير مقتل)، كالأطراف، لأن المحدد لا يعتبر فيه غلبة الظن

في حصول القتل به، بدليل ما لو قطع شحمة أذنه أو أنملته فمات.

ولأنه لما لم يمكن إدارة (١) الحكم وضبطه بغلبة الظن وجب ربطه بكونه

محددا. ولا يعتبر (٢) ظهور الحكمة (٣) في آحاد صور المظنة، بل يكفي احتمال

الحكمة. ولذلك ثبت الحكم به فيما إذا بقي، مع أن العمد لا يختلف مع اتحاد

الآلة والفعل بسرعة الإفضاء وإبطائه.

ولأن في البدن مقاتل خفية وهذا له سراية وقود. فأشبه الجرح الكبير.


(١) في ج: إرادة.
(٢) في أزياده: به فيما إذا بقي مع أن العمد لا يختلف مع اتحاد. وسوف تأتي هذه العبارة بعد سطرين.
(٣) في ج: الحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>