للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مهادنا (١) ؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً} [النساء: ٩٢].

وعبر عن الهدنة بالميثاق.

ثم القتل تارة يكون عمدا وتارة يكون غير عمد.

إذا تقرر هذا (فدية) قتل (عمد في ماله) أي: مال القاتل؛ لأن الأصل

يقتضي أن بدل المتلف يجب على متلفه. وأرش الجناية على الجانى. قال

النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يجني جان إلا على نفسه " (٢) . و " قال لبعض أصحابه حين

رأى معه ولده: ابنك هذا؟ قال نعم. قال: إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه " (٣) .

ولأن موجب الجناية أثر فعل الجانى فيجب أن يختص بضررها كما يختص

بنفعها. وتكون في مال القاتل حالة؛ لأنه الأصل. وإنما خولف هذا الأصل في العاقلة؛ لكثرة الخطاً. فيكثر الواجب فيه ويعجز الخاطئ غالبا عن تحمله مع

قيام عذره، ووجوب الكفاره عليه؛ تخفيفا عنه ورفقا به. والعامد لا عذر له فلا يستحق التخفيف، ولا يوجد فيه المعنى المقتضي للمواساة.

(و) دية (غيره) أي: غير العمد وهو الخطاً وشبه العمد (على عاقلته)

فى الأصح في شبه العمد؛ لما روى أبو هريره قال: " اقتتلت. امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها. فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بدية المرأه على عاقلتها " (٤) . متفق عليه.

ولأنه نوع قتل لا يوجب قصاصا. فوجبت الدية على العاقلة؛ كالخطأ.


(١) في ج: معاهدا.
(٢) أخرجه الترمذي في" جامعه " (٢١٥٩) ٤: ٤٦١ كتاب الفتن، باب ما جاء في دماؤكم وأموالكم عليكم حرام.
(٣) أخرجه أبو داود في " سننه " (٤٤٩٥) ٤: ١٦٨ كتاب الديات، باب لا يؤخذ أحد بجريرة أخيه أو أبيه.
(٤) سبق تخريجه ص (٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>