وهو عقد ورقى وكلام يتكلم به من يسحر أو يكتبه، أو يعمل شيئا يؤثر في
بدن المسحور، أو قلبه، أو عقله من غير مباشرة له.
وله حقيقة. فمنه: ما يقتل، ومنه: ما يمرض، ومنه: ما يؤخذ الرجل
عن امرأته فيمنعه من وطئها، ومنه: ما يفرق به بين المرء وزوجه، وما يبغض أحدهما الى الآخر أو يحبه. وهذا قول الشافعي.
وذهب بعض أصحابه إلى أنه لا حقيقة له إنما هو تخييل؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال:(يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى)[طه: ٦٦].
وقال أصحاب الحنفية: إن كان شيئا يصل الى بدن المسحور كدخان ونحوه جاز أن يحصل منه ذلك. فأما (١) أن يحصل المرض والموت من غير أن يصل إلى بدنه شيء فلا يجوز ذلك؛ لأنه لو جاز لبطلت معجزات الأنبياء عليهم السلام؛ لأن ذلك يخرق العادات فإذا جاء زمن غير الأنبياء بطلت معجزاتهم وأدلتهم. ولنا: قول الله سبحانه وتعالى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ? مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ? وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ? وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ?)[الفلق: ١ - ٤] يعني: السواحر اللواتي
يعقدن في سحرهن وينفثن عليه. ولولا أن السحر له حقيقة لما أمر بالاستعاذة منه.
وقال الله سبحانه ودتعالى:(يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ) إلى قوله سبحانه وتعالى: (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ)[البقرة: ١٠٢].