للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(و) يأمره (أن يستخلف في كل صُقْعٍ) أي: في كل ناحية من نواحي عمله (أفضلَ من يجد لهم)؛ لأن القاضي إذا كان في إقليم لم يمكنه أن يتولى الخصومات في جميع بلدانه. فلو وقف ذلك عليه يشق على الناس. فوجب أن يستخلف لهم في كل ناحية أفضل من يجد لذلك كما ذكرنا في الإمام؛ لأنه إنما يفعل ذلك لمصلحتهم .. فيجب عليه النصح لهم. وإنما يتحقق نصحه باختيار الأصلح لهم.

(ويجب على من يصلُح) للقضاء- (إذا طُلب) له (ولم يوجد غيره ممن

يوثق به - أن يدخُل فيه) على الأصح؛ لأن القضاء فرض كفاية ولا يقدرعلى القيام به غيره. فيتعين عليه؛ كغسل الميت وتكفينه.

ولأن في ترك قبوله ضياع حقوق الناس وتلف أموالهم. فوجب عليه القبول؛ كمانقاذ الهلكى وإنجاء الغرقى. وقد روى عبد الله بن عمرو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن. وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولّوا " (١) . رواه أحمد ومسلم والنسائي.

ومحل وجوب الدخول في القضاء عليه: (إن لم يُشغله عما هو أهمُّ منه)

أي: من القضاء؛ لما في الاشتغال بما هو أهم من القضاء من النفع مع الأمن من الغرر.

وعنه: لا يجب نصبه القضاء ولا الإجابه إليه؛ لما في ذلك من الخطر وقد

روى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما من حكمٍ يحكم بين الناس إلا حبس يوم القيامة وملك آخذ بقفاه حتى يقفه على جهنم، ثم يرفع رأسه إلى الله


(١) أخرجه مسلم في"صحيحه" (١٨٢٧) ٣: ١٤٥٨ كتاب الإمارة، باب فضيلة الحاكم العادل.
وعقوبة الجائر، والحث على الرفق بالرعية.
وأخرجه النسائي في "سننه" (٥٣٧٩) ٨: ٢٢١ كتاب آداب القضاة، فضل الحاكم العادل في حكمه.
وأخرجه أحمد في"مسنده" (٦٤٩٢) ٢: ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>