وقال أبو بكر وابن أبي موسى: يعتق نصف كل واحد منهما بغير قرعة؛ لأن القرعة إنما تجب إذا كان أحدهما عبداً والآخر حراً ولا كذلك هاهنا. فيجب أن تقسم الوصية بينهما، ويدخل النقص على كل واحد منها بقدر وصيته؛ كما لو أوصى لاثنين بمال.
وجوابهما: أن الإعتاق بعد الموت كالإعتاق في مرض الموت. وقد ثبت في الإعتاق في مرض الموت: أنه يقرع بينهما؛ لحديث عمران بن حصين (١) . كذلك بعد الموت.
ولأن المعنى المقتضي في أحد العبدين في الحياة موجود بعد الموت فيثبت.
وعلم مما تقدم أن الورثة إذا أجازوا الوصيتين عتقا؛ لأن الحق لهم. فأشبه ما لو أعتقوهما بعد موته.
(ولو كانت بينة غانمٍ وارثةً فاسقةً)، ولم تكذب الأجنبية:(عتَق سالم) بلا قرعة؛ لأن بينة سالم العادلة لا تعارضها بينة غانم الفاسقة، (ويعتِقُ غانم بقُرعة) بأن يكتب في رقعة: يعتق، وفي رقعة أخرى: لا يعتق وتُدرج كل رقعة في بُندقة من شمع أو طين بحيث لا تتميز إحداهما من الأخرى، ويقال لمن لم يحضر ذلك: أخرج بُندقة. فإن خرجت التي فيها: يعتق عتق، وإن خرجت الأخرى: لم يعتق.
ووجه ذلك: أن البينة الوارثة مقرة بالوصية بعتق غانم أيضاً فاقتضى ذلك القرعة بين العبدين. لكن لما كانت بينة سالم عادلة عتق أولاً؛ لعدم المعارض، وأعتقنا غانماً بخروج القرعة له.
(وإن كانت) الوارثة (عادلةٍ، وكُذّبتْ) البينة (الأجنبيَّةَ: عُمل بشهادتها، ولَغَا تكذيبُها) الأجنبية. (فينعكسُ الحكم) فيعتق غانم بلا قرعة ويقف عتق سالم على القرعة؛ لأن تصديقها أو تكذيبها للأخرى غير معتبر في