للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة: ١].

وما ورد في هذا المعنى من الآيات كثير في كتاب الله، فحين يستحضر المصلي معاني هذه الآيات، فإنه يشعر بعظمة الموقف بين يدي ربه -سبحانه وتعالى- العالم بسره ونجواه، والمطلع على ما تخفيه الصدور، والذي أحاط علمًا بكل شيء، الذي يسمعه ويراه، فحضور هذه المعاني العظيمة يحدث في القلب الخشوع في الصلاة والإقبال عليها بوجهه وقلبه، فيخرج إلى الصلاة وهو يستحضر في قلبه هذه المعاني، ويجاهد نفسه على هذا، حتى وهو يمشي إلى الصلاة لا بد أن يلتزم أدب المشي إلى الصلاة، الذي سأشير إليه في الفقرة التالية، وذلك لأنه في مشيه إلى الصلاة فهو في صلاة كما ورد في الحديث يقول -صلى الله عليه وسلم-: «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ يَعْمِدُ إِلَى الصَّلَاةِ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ» الحديث (١).

٣ - المشي إلى الصلاة بسكينة ووقار:

عن أَبَي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا تَمْشُونَ، عَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» (٢). وفي الرواية الأخرى يقول المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: «وَلَكِنْ لِيَمْشِ وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ» الحديث (٣).

وفي معنى السَّكِينَة وَالْوَقَار قال النووي رحمه الله: "قيل: هما بمعنى (٤)، وجمع بينهما تأكيدًا، والظاهر أن بينهما فرقًا، وأن السكينة التأني في الحركات، واجتناب العبث، ونحو ذلك، والوقار في الهيئة، وغض البصر، وخفض الصوت، والإقبال على طريقه بغير التفات، ونحو ذلك والله أعلم" (٥).


(١) أخرجه مسلم (١/ ٤٢١) ح (٦٠٢).
(٢) أخرجه البخاري (٢/ ٧) ح (٩٠٨)، ومسلم (١/ ٤٢٠) ح (٦٠٢).
(٣) أخرجه مسلم (١/ ٤٢١) ح (٦٠٢).
(٤) أي: بمعنى واحد.
(٥) شرح النووي على مسلم (٥/ ١٠٠).

<<  <   >  >>