للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذا والله أعلم تنبيه على الشعور بعظمة الموقف بين يدي الله، وان العبد في طريقه إلى الصلاة يهييء نفسه في مشيه إلى الصلاة، فهو في صلاة من حين خروجه لدخول بيت الله وللوقوف بين يديه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا ثُوِّبَ لِلصَّلَاةِ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ يَعْمِدُ إِلَى الصَّلَاةِ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ» (١).

٤ - وكان السلف يعظمون أمر الأذان لأنه يذكرهم بعظمة الموقف بين يدي الله يوم القيامة:

"وقد روى ابن أبي الدنيا في "كتاب الرقة والبكاء" بإسناده، عن يحيى البكاء، عن الحسن، قال: إذا اذن المؤذن لم تبق دابة بر ولا بحر الا اصغت واستعمت. قال: ثم بكى الحسن بكاء شديداً.

وبإسناده، عن أبي عمران الجوني، انه كان إذا سمع الاذان تغير لونه، وفاضت عيناه.

وعن أبي بكر النهشلي نحو - أيضاً -، وانه سئل عن ذلك، فقال: اشبهه بالصريخ يوم العرض، ثم غشى عليه.

وحكى مثل ذلك من غيره من الصالحين - أيضاً.

وعن الفضيل بن عياض، أنه كان في المسجد، فأذن المؤذن، فبكى حتى بل الحصى، ثم قال: شبهته بالنداء، ثم بكى" (٢).

٥ - وكانوا أيضاً يشعرون بعظمة الموقف بين يدي الله في صلاتهم:

كان علي بن الحسين الملقب بزين العابدين إذا توضأ يصفر لونه، فإذا قام إلى الصلاة ارتعد من الخوف، فقيل له في ذلك فقال: ألا تدرون بين يدي من أريد أن أقوم ولمن أناجي؟ (٣).


(١) صحيح مسلم (١/ ٤٢١) ح (٦٠٢).
(٢) فتح الباري لابن رجب (٥/ ٣٠١).
(٣) ينظر: البداية والنهاية (١٢/ ٤٨٢).

<<  <   >  >>