- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي بَابِ الْعَقَائِدِ.
فَأَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ وَالْجِدَالِ وَالْخِصَامِ مَعَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَبُو حُذَيْفَةَ وَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ، وَهُوَ رَئِيسُ الْمُعْتَزِلَةِ وَأَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ مُعْتَزِلِيًّا، اعْتَزَلَ مَجْلِسَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَسُمِّيَ بِذَلِكَ. كَانَ وَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ هَذَا أَحَدَ الْبُلَغَاءِ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ يَلْثَغُ بِالرَّاءِ فَيَجْعَلُهَا غَيْنًا، وَكَانَ أَحَدَ الْأَعَاجِيبِ ; لِأَنَّ لَثْغَتَهُ كَانَتْ قَبِيحَةً جِدًّا، فَكَانَ يُخَلِّصُ كَلَامَهُ مِنَ الرَّاءِ، وَلَا يُفْطَنُ لِذَلِكَ لِاقْتِدَارِهِ عَلَى الْكَلَامِ وَسُهُولَةِ أَلْفَاظِهِ.
وَذَكَرَ ابْنُ خَلِّكَانَ كَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ التَّارِيخِ وَأَخْبَارِ النَّاسِ أَنَّ وَاصِلَ بْنَ عَطَاءٍ كَانَ يَجْلِسُ إِلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلَمَّا ظَهَرَ الِاخْتِلَافُ، فَقَالَتِ الْخَوَارِجُ بِتَكْفِيرِ مُرْتَكِبِي الْكَبِيرَةِ، وَقَالَتِ الْجَمَاعَةُ بِأَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ وَإِنْ فَسَقُوا بِالْكَبَائِرِ، فَخَرَجَ وَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَقَالَ: إِنَّ الْفَاسِقَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَا مُؤْمِنٌ وَلَا كَافِرٌ مَنْزِلَةٌ بَيْنَ مَنْزِلَتَيْنِ، فَطَرَدَهُ الْحَسَنُ عَنْ مَجْلِسِهِ، فَاعْتَزَلَ عَنْهُ وَجَلَسَ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ، فَقِيلَ لَهُمَا وَلِأَتْبَاعِهِمَا مُعْتَزِلُونَ. فَهَذَا سَبَبُ تَسْمِيَتِهِمْ بِالْمُعْتَزِلَةِ.
وَلِوَاصِلٍ مِنَ التَّصَانِيفِ كِتَابُ الْمُرْجِئَةِ، وَكِتَابُ التَّوْبَةِ، وَكِتَابُ الْمَنْزِلَةِ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ، وَكِتَابُ خُطْبَتِهِ الَّتِي أَخْرَجَ مِنْهَا الرَّاءَ، وَكِتَابُ مَعَانِي الْقُرْآنِ، وَكِتَابُ الْخُطَبِ فِي الْعَدْلِ وَالتَّوْحِيدِ، وَكِتَابُ مَا جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، وَكِتَابُ السَّبِيلِ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ، وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَكَانَتْ وِلَادَتُهُ سَنَةَ ثَمَانِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ بِمَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ مِنْ مَوَالِي بَنِي مُنَبِّهٍ (؟) ، وَقِيلَ مِنْ مَوَالِي بَنِي مَخْزُومٍ.
وَأَمَّا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدِ بْنِ بَابٍ فَمِنْ مَوَالِي بَنِي عَقِيلٍ آلِ غُزَادَةَ بْنِ يَرْبُوعِ بْنِ مَالِكٍ، كَانَ جَدُّهُ بَابٌ مِنْ سَبْيِ كَابُلَ مِنْ جِبَالِ السِّنْدِ، وَكَانَ عَمْرٌو شَيْخَ الْمُعْتَزِلَةِ فِي وَقْتِهِ، وَلَهُ كِتَابُ تَفْسِيرٍ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَلَهُ كِتَابُ الرَّدِّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ، وَلَهُ كَلَامٌ كَثِيرٌ فِي الْعَدْلِ وَالتَّوْحِيدِ عَلَى اعْتِقَادِ الْمُعْتَزِلَةِ. وَوُلِدَ سَنَةَ ثَمَانِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَمَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute