لَدَى مَنْ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ، وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ ((عَنْ يَقِينٍ)) وَهُوَ حُكْمُ الذِّهْنِ الْجَازِمِ الْمُطَابِقِ لِلْوَاقِعِ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ} [البقرة: ١٦٠] الْآيَةَ.
((تَنْبِيهٌ))
دَخَلَ فِي عُمُومِ مَا ذَكَرْنَا - الْحُلُولِيَّةُ، وَالْإِبَاحِيَّةُ، وَمَنْ يُفَضِّلُ مَتْبُوعَهُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَمَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ إِذَا حَصَلَتْ لَهُ الْمَعْرِفَةُ وَالتَّحْقِيقُ سَقَطَ عَنْهُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ، وَمَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الْعَارِفَ الْمُحَقِّقَ يَجُوزُ لَهُ التَّدَيُّنُ بِدِينِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَبِأَيِّ دِينٍ شَاءَ، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاعْتِصَامُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَمْثَالُ هَؤُلَاءِ الطَّوَائِفِ الْمَارِقِينَ، فَمَنْ صَدَقَتْ تَوْبَتُهُ، وَصَلَحَتْ سَرِيرَتُهُ، وَمُدِحَتْ سِيرَتُهُ، وَدَلَّتْ قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ عَلَى رُجُوعِهِ، عَمَّا كَانَ مُرْتَكِبُهُ مِنَ الْإِفْكِ، وَالضَّلَالِ، فَمَقْبُولٌ عِنْدَ ذِي الْمِنَّةِ وَالْأَفْضَالِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
[فَصْلٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْإِيمَانِ وَاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهِ وَتَحْقِيقِ مَذْهَبِ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ]
[الاختلاف في حقيقة الإيمان وقول السَّلَفِ أنه قول وعمل]
((فَصْلٌ))
((فِي الْكَلَامِ عَلَى الْإِيمَانِ وَاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهِ وَتَحْقِيقِ مَذْهَبِ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ))
اعْلَمْ وَفَّقَكَ اللَّهُ - تَعَالَى - أَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْإِيمَانَ لُغَةً التَّصْدِيقُ، وَاصْطِلَاحًا تَصْدِيقُ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا جَاءَ بِهِ عَنْ رَبِّهِ وَهَذَا الْقَدْرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ هَلْ يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ مَزِيدُ أَمْرٍ مِنْ جِهَةِ إِبْدَاءِ هَذَا التَّصْدِيقِ بِاللِّسَانِ الْمُعَبَّرِ عَمَّا فِي الْقَلْبِ، إِذِ التَّصْدِيقُ مِنْ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ -، أَوْ مِنْ جِهَةِ الْعَمَلِ بِمَا صَدَّقَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ كَفِعْلِ الْمَأْمُورَاتِ وَتَرْكِ الْمَحْظُورَاتِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي اشْتُهِرَ مِنْ مَذْهَبِ السَّلَفِ وَلِذَا قَالَ:
((إِيمَانُنَا قَوْلٌ وَقَصْدٌ وَعَمَلْ ... تَزِيدُهُ التَّقْوَى وَيَنْقُصُ بِالزَّلَلْ))
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute