للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الْكَلْبِ) . وَقَالَ: وَعَلَامَةُ ذَلِكَ فِي الْكَلْبِ أَنْ تَحْمَرَّ عَيْنَاهُ، وَلَا يَزَالُ يُدْخِلُ ذَنَبَهُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ، فَإِذَا رَأَى إِنْسَانًا سَاوَرَهُ. وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا فِرْقَةٌ وَاحِدَةٌ ". فَقِيلَ لَهُ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ يَعْنِي الْفِرْقَةَ النَّاجِيَةَ، فَقَالَ: " هُوَ مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي» "، وَفِي رِوَايَةٍ: «سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى بِضْعٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا فِرْقَةً وَاحِدَةً، وَهِيَ مَا كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي» ". قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: هُمْ يَعْنِي الْفِرْقَةَ النَّاجِيَةَ، أَهْلُ الْحَدِيثِ، يَعْنِي الْأَثَرِيَّةَ وَالْأَشْعَرِيَّةَ وَالْمَاتُرِيدِيَّةَ، قُلْتُ: وَلَفْظُ الْحَدِيثِ يَعْنِي قَوْلَهُ إِلَّا فِرْقَةً وَاحِدَةً يُنَافِي التَّعَدُّدَ، وَلِذَا قُلْتُ:

(وَلَيْسَ هَذَا النَّصُّ جَزْمًا يُعْتَبَرْ فِي فِرْقَةٍ إِلَّا عَلَى أَهْلِ الْأَثَرْ)

(وَلَيْسَ هَذَا النَّصُّ) الْمَذْكُورُ عَنْ مَنْبَعِ النُّورِ وَمِصْبَاحِ الدَّيْجُورِ (جَزْمًا) يَحْتَمِلُ الْمَصْدَرِيَّةَ، أَيْ أَجْزِمُ بِهِ جَزْمًا، أَوْ أَنَّهُ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ، أَيْ مِنْ جِهَةِ الْجَزْمِ وَالْيَقِينِ (يُعْتَبَرْ) أَيْ يُسْتَدَلُّ بِهِ وَيُوَافِقُ (فِي فِرْقَةٍ) أَيْ لَا يَنْطِقُ وَيَصْدُقُ عَلَى فِرْقَةٍ مِنَ الثَّلَاثِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً (إِلَّا عَلَى) فِرْقَةِ (أَهْلِ الْأَثَرْ) وَمَاعَدَاهُمْ مِنْ سَائِرِ الْفِرَقِ قَدْ حَكَّمُوا الْعُقُولَ، وَخَالَفُوا الْمَنْقُولَ عَنِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالْوَاجِبُ أَنْ يُتَلَقَّى بِالْقَبُولِ، فَأَنَّى يَصْدُقُ عَلَيْهِمُ الْخَبَرُ، أَوْ يَنْطَبِقُ عَلَيْهِمُ الْأَثَرُ.

[تنبيهات خاصة بالفرق]

[التنبيه الأول تعداد الفرق]

[فرقة المعتزلة]

تَنْبِيهَاتٌ

الْأَوَّلُ: قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَهْلُ الْبِدَعِ خَمْسَةٌ - يَعْنِي: مِنْ جِهَةِ أُصُولِهَا، ثُمَّ كَلُّ (فِرْقَةٍ) تَتَشَعَّبُ وَتَتَفَرَّقُ فِرَقًا شَتَّى:

أَحَدُهَا: الْمُعْتَزِلَةُ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْعِبَادَ خَالِقُو أَعْمَالِهِمْ، وَيَنْفُونَ رُؤْيَةَ اللَّهِ - تَعَالَى - فِي الْآخِرَةِ، وَيَقُولُونَ بِوُجُوبِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَالصَّلَاحِ وَالْأَصْلَحِ عَلَى اللَّهِ، وَمِنْ أُصُولِ الْمُعْتَزِلَةِ الْقَوْلُ بِالْعَدْلِ وَثُبُوتِ الْمَنْزِلَةِ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ وَالتَّوْحِيدِ، يَعْنِي نَفْيَ الصِّفَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُمْ عِشْرُونَ فِرْقَةً، يُضَلِّلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>