- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عُمَرَ خَالِيًا فَأَوْصَاهُ بِمَا أَوْصَاهُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي لَمْ أُرِدْ بِذَلِكَ إِلَّا إِصْلَاحَهُمْ، وَخِفْتُ عَلَيْهِمُ الْفِتْنَةَ فَعَمِلْتُ فِيهِمْ مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ، وَاجْتَهَدْتُ لَهُمْ رَأْيِي فَوَلَّيْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَهُمْ وَأَقْوَاهُمْ عَلَيْهِمْ، وَأَحْرَصَهُمْ عَلَى مَا يُرْشِدُهُمْ، وَقَدْ حَضَرَنِي مِنْ أَمْرِكَ مَا حَضَرَنِي، فَاخْلُفْنِي فِيهِمْ فَهُمْ عِبَادُكَ وَنَوَاصِيهِمْ بِيَدِكَ، أَصْلِحْ وِلَايَتَهُ وَاجْعَلْهُ مِنْ خَلَائِفِكَ الرَّاشِدِينَ، وَأَصْلِحْ لَهُ رَعِيَّتَهُ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَفَرَسُ النَّاسِ ثَلَاثَةٌ: أَبُو بَكْرٍ اسْتَخْلَفَ عُمَرَ، وَصَاحِبَةُ مُوسَى حِينَ قَالَتْ: اسْتَأْجِرْهُ، وَالْعَزِيزُ حِينَ تَفَرَّسَ فِي يُوسُفَ فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَكْرِمِي مَثْوَاهُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ يَسَارِ بْنِ حَمْزَةَ قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ أَبُو بَكْرٍ أَشْرَفَ عَلَى النَّاسِ مِنْ كُوَّةٍ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ عَهِدْتُ عَهْدًا أَفَتَرْضَوْنَ بِهِ؟ فَقَالَ النَّاسُ: رَضِينَا يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَامَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ: لَا نَرْضَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ عُمَرَ. قَالَ: إِنَّهُ عُمَرُ. - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ -.
[عثمان ذو النورين]
((وَبَعْدَهُ)) أَيْ بَعْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَيْ يَلِيهِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَبُو عَمْرٍو وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ ذُو النُّورَيْنِ ((عُثْمَانُ)) بْنُ عَفَّانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، وَاسْمُهُ الْحَارِثُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ الْقُرَشِيُّ الْأُمَوِيُّ، قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: يُقَالُ كَانَ يُكَنَّى فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَبَا عَمْرٍو، فَلَمَّا وَلَدَتْ لَهُ رُقَيَّةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدَ اللَّهِ اكْتَنَى بِهِ، وَأُمُّهُ أَرْوَى وَأُمُّهَا أُمُّ حَكِيمٍ الْبَيْضَاءُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَبُو أَرْوَى أُمِّ عُثْمَانَ كُرَيْزٌ - بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِ الرَّاءِ فَزَايٌ مُصَغَّرُ كُرْزٍ -، وَهُوَ كُرَيْزُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ.
وُلِدَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ مِنَ الْفِيلِ، وَأَسْلَمَ قَدِيمًا عَلَى يَدِ الصِّدِّيقِ الْأَعْظَمِ قَبْلَ دُخُولِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الْأَرْقَمِ، وَهَاجَرَ الْهِجْرَتَيْنِ إِلَى الْحَبَشَةِ، وَتَزَوَّجَ رُقَيَّةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ الْبَعْثِ، مَاتَتْ عِنْدَهُ فِي الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ عِنْدَ رُجُوعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ الْعُظْمَى، وَلَمْ يَشْهَدْ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَدْرًا لِتَخَلُّفِهِ بِإِذْنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُمَرِّضَ رُقَيَّةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، فَجَاءَ الْبَشِيرُ بِنَصْرِ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَ دَفْنِهَا، فَضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute