للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، (فَهُوَ) أَقْطَعُ» ". رَوَاهُ عَبْدُ الْقَادِرِ الرَّهَاوِيُّ فِي الْأَرْبَعِينَ الْبَلْدَانِيَّةِ، وَكَذَا الْخَطِيبُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وَمَعْنَى ذِي بَالٍ أَيْ حَالٍ شَرِيفٍ، يُحْتَفَلُ لَهُ، وَيُهْتَمُّ بِهِ مِنْ مُصَنِّفٍ وَدَارِسٍ وَمُدَرِّسٍ وَخَطِيبٍ وَخَاطِبٍ، وَبَيْنَ يَدَيْ كُلِّ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ، وَيَعْنِي بِالْأَقْطَعِ نَاقِصَ الْبَرَكَةِ، وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَ مُعْتَدٍّ بِهِ. وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا: " «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيَّ فَهُوَ أَقْطَعُ أَبْتَرُ مَمْحُوقٌ مِنْ كُلِّ بَرَكَةٍ» . تَفَرَّدَ بِذِكْرِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِسْمَاعِيلُ بْنُ زِيَادٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَفِي رِوَايَةٍ: " «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُفْتَتَحُ (فِيهِ) بِذِكْرِ اللَّهِ» . وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «كُلُّ كَلَامٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ، فَهُوَ أَجْذَمُ» ". إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

[الفائدة الثانية هل يبدأ بالبسملة في كتاب كله شعرا]

(الثَّانِيَةُ) : اخْتَلَفَ الْقُدَمَاءُ فِيمَا إِذَا كَانَ الْكِتَابُ كُلُّهُ شِعْرًا، فَجَاءَ عَنِ الشَّعْبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَنْعَ ذَلِكَ، وَعَنِ الزُّهْرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: مَضَتِ السُّنَّةُ أَنْ لَا يُكْتَبُ فِي الشِّعْرِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - جَوَازُ ذَلِكَ، وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْجُمْهُورُ، وَقَالَ الْخَطِيبُ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ. انْتَهَى. وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ الْمَنْظُومُ مِنْ نَفَائِسِ الْعُلُومِ. قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الرَّاجِحُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ طَلَبُ الْبَسْمَلَةِ فِي ابْتِدَاءِ الشِّعْرِ، مَا لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا أَوْ مَكْرُوهًا. قَالَ: وَأَمَّا مَا تَعَلَّقَ بِالْعُلُومِ فَمَحَلُّ اتِّفَاقٍ.

[الفائدة الثالثة الخلاف في البسملة أوائل السور أمن كل سورة هي أم لا]

(الثَّالِثَةُ) : الْبَسْمَلَةُ آيَةٌ مُنْفَرِدَةٌ بِنَفْسِهَا، فَاصِلَةٌ بَيْنَ السُّوَرِ الْقُرْآنِيَّةِ، لَيْسَتْ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ لَا الْفَاتِحَةِ وَلَا غَيْرِهَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وِفَاقًا لِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَمَّا مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ: لَيْسَتْ هِيَ مِنَ الْقُرْآنِ رَأْسًا. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهَا آيَةٌ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، سِوَى بَرَاءَةَ. وَمُرَادُ مَنْ قَالَ إِنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْقُرْآنِ غَيْرُ الَّتِي فِي سُورَةِ النَّمْلِ، فَإِنَّهَا بَعْضُ آيَةٍ إِجْمَاعًا، فَيَكْفُرُ مُنْكِرُهَا بِخِلَافِ الْبَسْمَلَةِ غَيْرِهَا، فَتَبَصَّرْ.

[الفائدة الرابعة في بعض فضائل البسملة]

(الرَّابِعَةُ) : فِي بَعْضِ فَضَائِلِ الْبَسْمَلَةِ، فِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ وَآثَارٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا، قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} [الفتح: ٢٦] ، هِيَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. وَرَوَى الْإِمَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>