للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّوَاءُ، وَالْجَمْعُ أَشْفِيَةٌ، وَجَمْعُ الْجَمْعِ أَشَافِي، يُقَالُ: شَفَاهُ بَرَأَهُ، وَطَلَبَ لَهُ الشِّفَاءَ كَأَشْفَاهُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، فَفِي حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِيلَ لَهُ:

مَا الْحَوْضُ؟ قَالَ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ شَرَابَهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَطْيَبُ رِيحًا مِنَ الْمِسْكِ، وَآنِيَتَهُ أَكْثَرُ عَدَدًا مِنَ النُّجُومِ لَا يَشْرَبُ مِنْهُ إِنْسَانٌ فَيَظْمَأُ أَبَدًا، وَلَا يُصْرَفُ عَنْهُ إِنْسَانٌ فَيَرْوَى أَبَدًا» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ وَغَيْرُهُ، فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ " «إِنَّ مَنْ لَمْ يَشْرَبْ مِنْ حَوْضِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أُمَّتِي لَا يَزَالُ مُتَّصِفًا بِدَاءِ الظَّمَأِ أَبَدًا» . وَرَوَى نَحْوَهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا، وَفِيهِ: " «مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا، وَمَنْ لَمْ يَشْرَبْ مِنْهُ لَمْ يَرْوَ أَبَدًا» .

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا نَحْوَهُ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مَرْفُوعًا، وَفِي ذَلِكَ عِدَّةُ أَحَادِيثَ.

[قوم يزادون عن الحوض]

((عَنْهُ يُذَادُ الْمُفْتَرِي كَمَا وَرَدْ ... وَمَنْ نَحَا سُبُلَ السَّلَامَةِ لَمْ يَرِدْ))

((عَنْهُ)) أَيْ: عَنْ حَوْضِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنِ الشُّرْبِ مِنْهُ ((يُذَادُ)) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ، وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، فَدَالٌ مُهْمَلَةٌ قَبْلَهَا أَلِفٌ مَبْنِيٌّ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، أَيْ: يُطْرَدُ وَيُسَاقُ وَيُدْفَعُ دَفْعًا عَنِيفًا، قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الذَّوْدُ السَّوْقُ وَالطَّرْدُ وَالدَّفْعُ كَالذِّيَادِ ((الْمُفْتَرِي)) نَائِبُ الْفَاعِلِ مِنَ الْفِرْيَةِ بِكَسْرِ الْفَاءِ الْكَذِبُ، يُقَالُ: فَرِيَ يَفْرِي فَرْيًا، وَافْتَرَى يَفْتَرِي افْتِرَاءً إِذَا كَذَبَ، وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنْهُ، وَمِنْهُ {وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ} [الممتحنة: ١٢] ، وَفِي الْحَدِيثِ " «مِنْ أَفْرَى الْفِرَى أَنْ يُرِيَ الرَّجُلُ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَيَا» " فَالْفِرَى جَمْعُ فِرْيَةٍ، وَهِيَ الْكِذْبَةُ، وَأَفْرَى أَفْعَلُ مِنْهُ لِلتَّفْضِيلِ، أَيْ: أَكْذَبُ الْكَذِبَاتِ أَنْ يَقُولَ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَذَا، وَلَمْ يَكُنْ رَأَى شَيْئًا، لِأَنَّهُ كَذِبٌ عَلَى اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ مَلَكَ الرُّؤْيَا لِيُرِيَهُ الْمَنَامَ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مِنَ الَّذِينَ يُذَادُونَ عَنِ الْحَوْضِ جِنْسُ الْمُفْتَرِينَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَعَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْمُحْدِثِينَ فِي الدِّينِ مِنَ الرَّوَافِضِ وَالْخَوَارِجِ وَثَائِرِ أَصْحَابِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ الْمُضِلَّةِ، وَكَذَلِكَ الْمُسْرِفُونَ مِنَ الظَّلَمَةِ الْمُفْرِطُونَ فِي الظُّلْمِ وَالْجَوْرِ وَطَمْسِ الْحَقِّ، كَذَلِكَ الْمُتَهَتِّكُونَ فِي ارْتِكَابِ الْمَنَاهِي، وَالْمُعْلِنُونَ فِي اقْتِرَافِ الْمَعَاصِي، وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ:

«أَغْفَى رَسُولُ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>