للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرُ مَرْضِيٍّ مُطْلَقًا، بَلْ هُوَ مَرْضِيٌّ مِنْ جِهَةِ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَإِنْ كَانَ مَبْغُوضًا مِنْ جِهَةِ الذُّنُوبِ وَالْعِصْيَانِ وَارْتِكَابِ الْقَبَائِحِ، بِخِلَافِ الْكَافِرِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَرْضِيٍّ مُطْلَقًا لِعَدَمِ الْأَسَاسِ الَّذِي تُبْنَى عَلَيْهِ الْحَسَنَاتُ وَالِاعْتِدَادُ بِالْكَمَالَاتِ وَهُوَ الْإِيمَانُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِيمَانَ بِالشَّفَاعَةِ وَاجِبٌ، وَقَدْ قَدَّمْنَا مِنَ النُّصُوصِ مَا لَعَلَّهُ يَقْلَعُ شُرُوشَ الِاخْتِلَاجِ مِنْ خَوَاطِرِ مَنْ أَذْعَنَ لَهَا، وَخَلَعَ مِنْ عُنُقِهِ رِبْقَةَ تَقْلِيدِ أَهْلِ الزَّيْغِ وَالِاعْوِجَاجِ، كَيْفَ وَالنُّصُوصُ مُتَوَاتِرَةٌ، وَالْآثَارُ مُتَوَافِرَةٌ، وَالْعَقْلُ الصَّحِيحُ لَا يُحِيلُ ذَلِكَ، وَالنَّقْلُ الصَّرِيحُ نَاطِقٌ بِمَا هُنَالِكَ، فَدَعْ عَنْكَ نِحْلَةَ فُلَانَةَ وَفُلَانٍ، وَاعْقِدْ قَلْبَكَ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ سَيِّدِ وَلَدِ عَدْنَانَ، وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، فَإِنَّهُ الْحَقُّ الَّذِي لَا عَقْلَ يُحِيلُهُ، وَلَا نَقْلَ يُزِيلُهُ، وَاللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفَّقُ.

[فَصْلٌ فِي الْكَلَامِ عَنِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ]

[الْكَلَامِ عَنِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ]

((فَصْلٌ فِي الْكَلَامِ عَنِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ))

وَلَمَّا انْتَهَى الْكَلَامُ عَلَى الشَّفَاعَةِ وَأَقْسَامِهَا وَتَفْصِيلِهَا وَأَحْكَامِهَا بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِالْمَقَامِ، أَعْقَبَ ذَلِكَ بِذِكْرِ الْعَظِيمَتَيْنِ دَارِ الْقَرَارِ لِلْأَخْيَارِ، وَدَارِ الْبَوَارِ لِلْكُفَّارِ، وَهُمَا الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَقَالَ:

((وَكُلُّ إِنْسَانٍ وَكُلُّ جِنَّةٍ ... فِي دَارِ نَارٍ أَوْ نَعِيمِ جَنَّةٍ))

((هُمَا مَصِيرُ الْخَلْقِ فِي كُلِّ الْوَرَى ... فَالنَّارُ دَارُ مَنْ تَعَدَّى وَافْتَرَى))

((وَمَنْ عَصَى بِذَنْبِهِ لَمْ يَخْلُدِ ... وَإِنْ دَخَلَهَا يَا بَوَارَ الْمُعْتَدِي))

((وَكُلُّ إِنْسَانٍ)) مِنْ بَنِي آدَمَ، فَالْإِنْسُ وَالْإِنْسَانُ مِنَ الْبَشَرِ، وَالْوَاحِدُ إِنْسِيٌّ وَأَنَسِيٌّ، وَالْجَمْعِ أَنَاسِيُّ وَالْمَرْأَةُ إِنْسَانٌ، وَبِالْهَاءِ عَامِّيَّةٌ كَمَا فِي الْقَامُوسِ قَالَ: وَسُمِعَ فِي شِعْرٍ كَأَنَّهُ مُوَلَّدٌ:

لَقَدْ كَسَتْنِي فِي الْهَوَى ... مَلَابِسَ الصَّبِّ الْغَزَلْ

إِنْسَانَةٌ فَتَّانَةٌ ... بَدْرُ الدُّجَى مِنْهَا خَجِلْ

إِذَا زَنَتْ عَيْنِي بِهَا ... فَبِالدُّمُوعِ تَغْتَسِلْ

((وَكُلُّ جِنَّةٍ)) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ مَفْتُوحَةً طَائِفَةُ الْجِنِّ، وَالْجَانُّ اسْمٌ لِلْجِنِّ، أَيْ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الثَّقَلَيْنِ الَّذَيْنِ هُمَا الْإِنْسُ وَالْجِنُّ لَابُدَّ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>